منذ دخول فضيلة العلامة د. القرضاوي الى الصالون الخاص في مطار طهران الدولي وحفاوة علماء الإسلام في إيران تتجلى في كل مكان، وعلى بعد خطوات من الطائرة وفي مقدمة المستقبلين يقف سماحة العلامة الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ليضفي اجمل آيات الترحيب بالقرضاوي كما يأتي السيد محمد علي الهاشمي مدير عام الشؤون العربية والأفريقية في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية بوزارة الإرشاد والتي يترأسها آية الله الشيخ محمد تسخيري.. كما يصل السيد محمد العمادي نائبا لسفير دولة قطر في طهران.
لا تمضي الساعات الأولى إلا وفندق ازادي يمتلئ بالزوار، لكن باقة كبيرة من الورود الجميلة تقطع لقاء العلماء، أتربص بصاحبها فإذا ببطاقة معلقة عليها أنه صاحب الذوق الرفيع سعادة السيد علي عبد العزيز الكواري سفير دولة قطر في طهران، وما هي إلا دقائق حتى يكون على قائمة القادمين للترحيب بالدكتور القرضاوي.
ومع البرنامج العلمي الحافل الذي أعده المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الداعي لفضيلته لزيارة إيران، فإن د. القرضاوي لم يستطع رد دعوة سعادة السفير على الغداء بمنزله بطهران، حيث قام د. القرضاوي بزيارة مقر سفارة دولة قطر أولاً في شارع أفريقيا حيث أبدى سعادته واعتزازه بسعادة السفير علي الكواري وكتب كلمة معبرة في دفتر الزيارات بالسفارة، وتبادل مع سعادة السفير الحديث حول الزيارة، وصرح سعادة السفير ل الراية بأنه على ثقة تامة بأن هذه الزيارة سوف يكون لها أثر طيب في خدمة العالم الإسلامي وسوف تؤتي الزيارة ثمارها المرجوة في وحدة الأمة الإسلامية وقوتها إن شاء الله.
ثم انتقل سعادة السفير ومعه د. القرضاوي إلى منزل سعادة السفير، حيث استقبله استقبالاً حافلاً، ووصل سعادة سفراء الدول العربية والإسلامية تباعاً معبرين عن تقديرهم وسعادتهم بهذا اللقاء، وكانت مأدبة الغداء العامرة التي حرص فيها سعادة السفير الكواري على أن يجعلنا نعيش في الدوحة، بالبخور والعود والهريس.. وتوجه سعادة السفراء ببعض أسئلتهم لفضيلة الشيخ د. القرضاوي، وكانت مناقشات طيبة في جو أخوي أضفاه سعادة السفير القطري الذي بدا انه يتمتع بحب واحترام من كل السفراء المعتمدين في طهران.
في أول جولة من جولات فضيلة د. يوسف القرضاوي مع علماء الإسلام في طهران طرح فضيلته قاعدة المنار الذهبية التي قال بها السيد محمد رشيد رضا وهي فلنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، واعتبرها فضيلته قاعدة ايجابية بناءة، وقال في لقاء له مع د. عبد الكريم بي اذار الشيرازي رئيس جامعة المذاهب الإسلامية بطهران وهو من علماء الشيعة أن هناك الكثير الذي يمكن أن نتفق عليه: حرب الإلحاد والانحلال والظلم والاستكبار ومقاومة تخنث الرجال، و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومحاربة اسرائيل، والوقوف مع قضية فلسطين فهي قضية المسلمين الأولى ونصرة اخواننا المستضعفين المسلمين في كل مكان.. فإذا كنا متفقين في ذلك فلنتعاون عليه، ولا ينشغل بعضنا ضد بعض ولا يعمل كل منا بمفرده، وأضاف: أن معظم ما نختلف فيه أمور جزئية يعذر بعضنا بعضاً فيها فمن اجتهد فأخطأ فله أجر وهو مأجور فيه: معذور ومأجور.
ثم تحدث فضيلته في إمكانية أن يكون ما نختلف فيه أهل السنة وأهل الشيعة محصوراً عند أهل الاختصاص، دون أن ندخل في ذلك العوام، فبحث المسائل العلمية يكون عند العلماء والأصل هو العذر فيما نختلف عليه.
وقد أشاد السيد محمد علي الهاشمي مدير عام الشؤون العربية والإفريقية في رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية بوزارة الإرشاد والمستشار الثقافي في سفارة إيران بالدوحة سابقاً بتلك الرؤية ورأى أن بعض العلماء الشيعة يطرحون قضايا خلافية علمية على العوام ولا يجوز طرحها عليهم.. ورد عليه د. القرضاوي فقال:
إن هذا ما يجب أن نتناصح به، ليس للعوام إدراك للأمور، إنما هم يأخذون بظواهرها، ويعتبرون بعض الصغائر من الأساسيات في الدين ويقاتلون من أجلها.
على هامش اللقاءات العلمية
إذا كان العالم من علماء الشيعة يرتدي عمامة سوداء فهو من أهل البيت، وإذا كانت بيضاء فهو عالم لكنه لا ينتسب لأهل البيت، وكل من هو من أهل البيت يخاطب بكلمة السيد وله احترام خاص.. بعد أن رأيت ذلك بعيني بعد سماعي به، فلن أخاطب أو اكتب عن أحد بكلمة السيد!
اتسمت لقاءات العلامة القرضاوي مع علماء الشيعة بالود والمحبة وكان تقديرهم له في أعلى مقامات التقدير والترحيب والاحترام.
قدم العلماء وآيات الله فضيلة الدكتور القرضاوي في الصلاة فأمهم في صلاتي المغرب والعشاء، وقامت مناقشات علمية راقية حول الصلاة وجميعها في غاية اللطف والأخوة الإسلامية ربما نعرض لها في رسائل قادمة إن شاء الله.
رغم انشغال العلماء في طهران بالاحتفالات الكبرى بذكرة وفاة الإمام آية الله الخميني، فإن زياراتهم وطلب مواعيد مع فضيلته كان متصلاً.
بدا علماء دار التقريب بين المذاهب ومسؤولي المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية في صورة طيبة من الحرص على وحدة الأمة الإسلامية.. فقد حرصوا على التأكيد على نقاط الالتقاء بين السنة والشيعة وظهر منهم دراستهم الواعية لمذاهب أهل السنة، فوجئوا بما يطرحه عليهم فضيلة د. يوسف القرضاوي من قضايا فقهية واسعة، مما وفر جوا علمياً عالياً بين العلماء احسب انه سيكون مفيدا ومؤثراً في وحدة الأمة الإسلامية.