لماذا لا أرد على المنتقدين؟

قال: الصحافة أمانة ومسؤولية قبل كل شيء تقوم على الكلمة، والكلمة إما تبني وإما تهدم فان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول إن الرجل ليقول الكلمة لا يلقى لها بالا يهوى بها في جهنم سبعين خريفاً، كلمة واحدة، ويقول الله تعالى لرسوله: (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً).

ثم شكر فضيلته الأخوة الذين تطوعوا بالدفاع عنه من الصحفيين، كما شكر المحامي الذي تطوع أيضاً للدفاع عنه.. ثم علل إعراضه طوال حياته عن الرد عمن يتناوله بسوء، وذكر إن ذلك لم يكن تعالياً ولا غروراً، ولكن هناك أسباباً أربعة لذلك:

الأول: إننا نحن المسلمين أمرنا أن ندرأ السيئة بالحسنة، وقال الله تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاه إلا ذو حظ عظيم) وهذا في عامة الناس، فكيف بالدعاة إلى الله الذين وضعوا أنفسهم موضع الدعوة والتعليم للآخرين.. وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ما قيل حتى قالوا له: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله.. بلغ سوء الأدب بأن يقال لمحمد أعدل فيرد ويحك ومن يعدل إذا أنا لم أعدل؟! ويقول صلى الله عليه وسلم: رحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر.

الثاني: الحياة أقصر وأثمن من أن نضيعها في القيل والقال والرد على الرد وإذا فتحنا هذا الباب لا ينتهي، والأعمار قصيرة جداً، والمشكلة إن مثلي يعاني من ضيق الوقت، والذين يعايشونني ويعرفونني يعرفون أني أشكو من ضيق الأوقات وكثرة الواجبات، وقد كنا نحفظ في مطلع الشباب وصية للإمام حسن البنا يقول فيها الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الانتفاع بوقته، وإذا كان لك حاجة فأوجز في قضائها، وما كنا نحفظه صغاراً أصبحنا نعانيه ونعيشه كباراً، والإنسان للأسف تكبر سنه فتزداد الواجبات والمطالب منه وتضعف قوته، فهي عكسية وليست طردية، يزداد ضعفاً وتزداد الواجبات عليه والأعباء منه فكيف نضيع أوقاتنا في الأخذ والرد والجذب والشد.

الثالث: إني والله لا أعادي أحداً، عودت نفسي ألا أعادي مسلماً، مهما كان هذا المسلم، المسلمون كلهم إخواني ما داموا من أهل القبلة، ما دام يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو أخي وأنا أخوه حتى وإن انحرف وإن ابتدع، اعتبره مسلماً في دائرة أهل القبلة، ولا أعادي إلا أعداء الإسلام، وما أكثرهم فكيف اختلق أعداء لي، ليس من الحكمة ولا الفعل ولا لا الإيمان ذلك، أعدائي هم أعداء الإسلام وأعداء الأمة: اليهودية العالمية، الصليبية الغربية، القوى اللادينية المتربصة بالإسلام والمسلمين.. إما أن يكتب واحد كلمة فلعله لا يعرفني، فأنا أعتقد أن هؤلاء الدين انتقدوني لا يعرفونني حقيقة، فقد ظنوا أني من النوع المتهافت على وسائل الإعلام، وأنا والله لست من هذا النوع!..

وأنا أعظم ما أتمناه أن أخلو إلى مكتبتي وأعيش بين كتبي أقرأ وأكتب، وعندي مشروعات علمية كثيرة جداً في حاجة لأن أخلو إليها وأكملها فيما بقي من عمري ولكن أدفع إلى ذلك للأسف:

أقول لكم بصراحة أول ما جئت هنا إلى قطر كنت أقول هذه فرصة جئت إلى مجتمع لا يعرفك.. فانتهز الفرصة وتجلس لتكتب ولا تلتقي بالناس، في عملك الرسمي فقط فجلست عدة أشهر بهذه الطريقة، ولكن سرعان ما اكتشفني الناس، وما استطعت أن أغيب عن الناس، ويخجلني أن أطلب من الناس كثيراً وأعتذر عما يطلب مني.

الأمر الرابع: أحمد الله سبحانه وتعالى أني أحظى بنعمة القبول والحب من الناس وهذه نعمة والله لو سجدت على الجمر الملتهب ما وفيت ربي حقه شكراً له، حيثما ذهبت يستقبلني الناس بالحب، وهذه نعمة لم أصنعها بنفسي، الله هو الذي صنعها، أحاضر المحاضرة فتأتي أوراق الأسئلة معظمها تبدأ بكلمة: نحبك في الله، فإذا كان هذا شأن الناس معي فكيف أضيق بواحد أو اثنين فرجاً على هذا فهذه طبيعة البشر، ليس هناك إنسان يجمع عليه الناس، إذا كان الناس لم يجمعوا على الله، فكيف يجمعون على أحد من خلقه، والعرب قديماً قالوا: رضا الناس غاية لا تدرك.

أليس التركيز على فضائية أولى؟

وبعد هذه الكلمة التي قدم بها فضيلته المؤتمر بدأت أسئلة الصحفيين وكان السؤال الأول من الراية:

هل ترون أن التركيز بينكم وبين المشاهد من خلال قناة فضائية واحدة كالجزيرة مثلاً هو الأولى رغم الفائدة التي يحصلها المشاهدون من علمكم في قنوات أخرى؟

الأمر لم أسع اليه، وما كنت أفكر فيه، ففضائية أبوظبي لا أذهب إليهم من عدة سنين إلا في رمضان كل عام في يومين أو ثلاثة، وفي هذه السنة ذهبت إليهم حين حضرت مؤتمر تكريم الشيخ الشعراوي وحفظة القرآن، وعندهم برنامج اسمه المنتدى، حضرت فيه ضيفاً، وكان لهذه الحلقات وقعها عند الناس فقالوا لي إن المسؤولين يريدون أن تكون معنا بعد رمضان، ونقلوا ذلك عن وزير الإعلام، وأنا لا أجد وقتاً، قالوا: نتمنى أن تكون معنا هذه الدورة، وأنا رجل أضعف أمام الإلحاح، ولا أتدلل، وأمام هذا الإلحاح قبلت أن أكون معهم في هذه الدورة، فهذا هو الأمر، إن هناك أكثر من تلفزيون يطلبني وأعتذر له، لكن هذا كان بإلحاح، وضغط فقبلت.

ورداً على سؤال حول ما تثيره ردود وتصريحات وكتب د. القرضاوي من جدل خاصة بشأن القضايا الإسلامية السياسية والاجتماعية قال:

سيظل الناس يختلفون في تناول القضايا وفق المدارس المختلفة، هناك مدرسة تسمى مدرسة المقاصد التي تنظر للقصد، وهناك مدرسة تعنى بالظواهر التي تنظر إلى الأمر من خلال الاهتمام بظاهر النص، وهناك المدرسة الوسطية التي تنظر إلى النصوص الجزئية في ضوء المقاصد الكلية، وأنا من هذه المدرسة، لست من الظاهرية الحرفيين ولا من المقاصديين الذين يهملون النصوص ولكن أنظر لهذه في ضوء تلك.. والناس لا يمكن أن يجمعوا على رأي واحد فنحن عرفنا في تراثنا الفقهي شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس، لا يمكن أن تجعل ابن عباس ابن عمر، ولا ابن عمر ابن عباس، لأن لكل واحد طبيعة غير الآخر (ومثّل لذلك بموقف كل منهما من الحجر الأسود).. وأنا من مدرسة التيسير في الفتوى والتبشير في الدعوة، وهذا أستقيه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا)، وأرى الناس في عصرنا أحوج ما يكونون إلى التيسير وإلى التبشير لأن عصرنا كثرت فيه المادية والمغريات بالشر والمعوقات عن الخير، فنحن نريد أن نربط الناس بالدين وأن نصلهم بالله ولو بالحجج الأدنى الممكنة وكلما يسرنا لهم حببنا إليهم الدين ولم نبغض إليهم الله تبارك وتعالى وتكاليفه.

هل هي حملة على الوسطية؟

ونقل مراسل صحيفة الشرق الأوسط بالدوحة صالح الأشقر تحيات رئيس تحرير الصحيفة عبد الرحمن العمير ونقل عنه أنه يعتبر د. القرضاوي من أكبر كتاب الصحيفة، وذكر أن ما كتبه رئيس تحرير مجلة المجلة في الصحيفة منتقداً د. القرضاوي لا يعبر إلا عن رأيه الشخصي.

ورد د. القرضاوي قائلاً: أشكر الأستاذ العمير على هذه التحية وأرجو أن أكون عند حسن الظن إن شاء الله.. ثم كان السؤال:

هل التحرك بالهجوم على فضيلتك هو جزء من حملة تدبر ضد مدرسة الوسطية حتى تصمت عن توصيل رأيك للمسلمين؟

أعتقد أنه ربما يكون هناك شيء من هذا عند بعض الناس، الذين يخشون من هذه المدرسة الوسطية، وأقول بصراحة: أن الغرب نفسه الآن لم يعد يخشى إلا من مدرسة الاعتدال والوسطية، فكانوا فيما مضى يقولون احذروا الإسلام المتطرف والمتشدد، أما الآن فقد غيروا النغمة واصبحوا يقولون: احذروا الإسلام المعتدل، فهو أشد خطرا من الإسلام المتطرف، لأن الإسلام المتطرف قصير العمر لا يستمر طويلاً ولا يبقى كثيرا أما الإسلام الذي يبقى ويستمر ويؤثر فهو الإسلام المعتدل الوسطي الذي يعبر عن روح الأمة التي سماها الله أمة وسطاً، فربما كان هناك شيء، مع أني لا أحب الاتهامات، ولكن أخشى أن يكون بعض الناس مدفوعاً بمثل هذا الدافع، يريدون أن تحظى أسماء وعناوين معينة، وان يقاوموا هذه المدرسة الوسطية ويستفزوا أصحابها حتى ينسحبوا من الميدان ويتركوا المجال لغيرهم، فقد يقول الإنسان ولماذا اتعب نفسي وأستطيع أن أخلو لمكتبي وأدع هذه الأمور، وينسحب إذا وجد لغطاً كثيرا من حوله، لكن أرجو أن يثبت الله أقدامنا.

انتقاء العلماء ضرورة

كثر في الآونة الأخيرة ظهور العلماء على الهواء، مما يجعلهم يتورطون في ردود غير علمية، وإذا كنتم انتم حجة، فان آخرين لا يملكون ذلك..

ألا ترون وجوب تقنين ذلك وعدم تركه هكذا شائعا؟

هذا أمر صحيح، هناك بعض الناس يسألون فيتورطون في الإجابة، وهذا نبهت إليه منذ عدة سنوات حين كانت إذاعة قطر تعد لضيوف قطر في رمضان من الوعاظ يسألون فيجيبون، وكنت أرى لهم أغلاطاً شنيعة، وذكرت للأستاذ صلاح خليفة ذلك.. والمشكلة أن كثيراً من الناس لا يفرقون بين الواعظ والفقيه، قد يكون الإنسان واعظاً جيداً، لكنه ليس فقيهاً، ليس شرطاً أن يفتي كل عالم دين، الإفتاء له أهله، فلا بد أن يكون الإنسان راسخ القدم في الفقه من ناحية فقه النصوص والمقاصد، وفقه الواقع أيضاً فإذا لم يكن عنده من المعرفة بالواقع ما يستطيع أن ينزل النص بمقصده عليه يقع في أخطاء كثيرة، فالعالم المتمكن لا يستحي أن يقول فيما لا يعلمه: لا أعلم، وقريباً سئلت في برنامج الشريعة والحياة عن صلاة البتراء فقلت ما مرت عليّ، واتصل بي واحد وقال هي كذا فقلت جزاك الله خيراً، وهل يحيط الإنسان بكل شيء، ومن قال لا أعلم فقد أصاب نصف العلم.. وقد سئل الإمام مالك عن (40) مسألة فقال في (36) منها لا أدري.. وقال إن الملائكة لم تستح أن تقول فيما لا تعلم: لا أعلم.. (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا).. لكن هذا يحتاج لانتقاء الذين يجيبون على الفضائيات ليكونوا من المتمكنين. وما قامت عليه الأدلة يؤخذ به، أما ليس الأمر بالأغلبية، فأحياناً ننفرد بعض المذاهب برأي ويكون هو الرأي الصواب المفردات للإمام مالك.

لكن العامة قد يتأثرون من ترداد رأي معين؟

إن مهمتنا أن نبصر العامة وأن ننورهم، وبعض الناس يحاول أن يسترضي العامة، ومن أخطر أنواع العلماء هو الذي يحاول أن يتبع أهواء العامة، فبعض العلماء يتبع أهواء السلاطين والجماهير والعوام، وأحياناً يدخل في سوء المزايدات، إذا كان التشدد يعجب الناس يتشدد حتى يعتبر رجلاً صلباً وقوياً، وهذه عملية في غاية الخطورة لأنها متاجرة بالدين في هذه الحالة لا يتبع الحق لكن يتبع الأهواء.

الشريعة حاكمة على العباد

من النقد الموجه لكم تدخلكم في القضايا السياسية، وقد تعودنا على أن رجل الدين رجل واعظ وديع لا يحتد ولا يقسم الناس حوله، وتدخله في السياسة من شأنه أن يقسم الناس، وأنتم تعلمون ما يقتضيه رجل السياسة من اتخاذ مواقف ربما لا تعجب البعض.

هذا مما ذكره الصحفي الراشد من أن القرضاوي لا يفتي في الدين فقط وإنما يفتي في الدين وفي السياسة.. ونحن نعلم أن الإسلام منهج شامل للحياة، ليس هناك فرق بين الدين والسياسة، ما هو الدين وما هو السياسة، عندنا في أصول الفقه: الشريعة حاكمة على جميع أفعال العباد، لا يخرج فعل من أفعال المكلفين عن حكم الشريعة من الأحكام الخمسة (فرض أو مستحب أو حرام أو مكروه أو مباح) فلا نستطيع نحن أن نقسم الحال فنقول هذا دين فلنا به علاقة، وهذه سياسة فليس لنا بها علاقة، نحن نعتبر الإسلام عقيدة ونظاماً للحياة، نظام للاقتصاد وللسياسة وللأخلاق وللعبادات وللتشريع، لذلك لا يسعنا أن نسأل في سؤال فلا أتكلم:

هل إذا سئلت عن الصلح مع إسرائيل أجيب أم لا أجيب، عن العلاقة بالغرب (مستشهدا بالصحفية الأميركية جويز ديفيز التي زارت كاتب هذه السطور لأخذ رأي فضيلته ضمن مفكري العالم الإسلامي..

هل الحجاب دين أم سياسة؟

إن حجاب المرأة المسلمة فرض فرضه الله عليها، فإذا قلت أن الحجاب فرض ولا يجوز لدولة مسلمة أن تمنع المسلمة من الحجاب فهذه جريمة ومنكر، يعتبر ذلك تدخلا مني في السياسة؟ ا

وإذا انقسم الناس حول هذا فلينقسموا!! أنا أريد أن أقول الحق ولو انقسم الناس، ولقد قسم الأنبياء حينما جاءوا المجتمع (.. أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون..) ولما جاء محمد صلى الله عليه وسلم انقسم الناس.. هل يلام على هذا؟ إذا سئلنا في شأن من شؤون الدين أو شأن من شؤون الحياة لا بد أن نقول الحق، وإذا كان حاخامات إسرائيل يوجهون السياسة فهي تريد منا أن ننسحب نحن من السياسة ونتركها للادينيين؟!.

فالإنسان لأنه صاحب دين ينبغي أن ينسحب من ميدان السياسة ويتركها للعلمانيين واللادينيين والماركسيين والملحدين، هذا أمر غريب، نحن باعتبارنا مسلمين وباعتبار الإسلام منهاجاً شاملاً لحياتنا لا بد أن نقول كلمتنا في ضوء أحكام الشرع.. الخطر هنا هو أن يجعل الإنسان السياسة تابعة للهوى فيحل عاماً ويحرم عاماً، ويحلل لقوم ويحرم على آخرين.. هذا هو المرفوض، إنما إذا كان صاحب مبدأ ويحكم الشرع في هذه القضايا كلها فلا يسع العالم المسلم أن ينسحب من أي قضية سواء أكانت دينية أم سياسية أم اجتماعية أم ثقافية أم اقتصادية أم أخلاقية.. فالإسلام يسع هذا كله.

من أين تعلمت هذا؟

نحن درجنا على هذا في تونس: رجل الدين غير رجل السياسة؟

نحن لم ندرج على هذا، أنت تعلمت هذا ولا أدري من أين تعلمت؟

من علمك هذا: للسياسة أهلها وللدين أهله.. في المجتمع التونسي العلماء أيام الفرنسيين كانوا يقودون التحرير والمقاومة ضد فرنسا وأصدروا فتوى بتكفير من يحمل الجنسية الفرنسية.. أن علماء الدين في كل البلاد الإسلامية: في تونس والمغرب في الجزائر هم الذين قادوا التحرير من الذي احتفظ للجزائر بهويتها؟ أنها جمعية العلماء الشيخ عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي حتى برنارد لويس في كتاب الغرب والشرق الأوسط قال إن الذين قادوا حركات التحرير في العالم الإسلامي هم علماء الدين والحركات الدينية من أين جئت هذا؟ بهذا مفهوم غريب على أمتنا، وهو دخيل يريد إن يثبت نفسه وينبغي أن نطارده لأنه مفهوم غريب على الأمة، الأمة هي أمة واحدة.

إن رجال الدين يختلفون؟

وهل رجال السياسة لا يختلفون، بل يختلفون جداً وجداً أيديولوجيا: يمينيون ويساريون، ومنهم من يوالي ومن يعادي، يختلفون في القرب من الحكام والبعد عنهم، يختلفون في قبول الحل الوسط أو الحل الجذري، هذا شأن البشر (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم).. أي للاختلاف خلقهم، لأنه أعطاهم عقلاً، وإرادة حرة، فلا بد أن يختلفوا، ولا خطر من الاختلاف، الخطر من التفرق والعداوة، كما قال شوقي اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.. وللشيخ رشيد رضا القاعدة الذهبية للمنار نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه..

في حديثك في قناة الجزيرة عن الحجاب: إن الأمر مخالف للواقع، فهناك نوع من عدم الدقة في تصوير الأمر، الحجاب غير ممنوع في تونس؟

هو ممنوع ، إنك تحاول أن تدافع عن بلدك.. إن الرسائل التي تأتيني والفاكسات التي تأتي للشريعة والحياة وإلى مكتبي والاتصالات الهاتفية والاتصال الشخصي نعلم انه لا يجوز لفتاة أن تدخل المدرسة ولا الجامعة ولا أن توظف في الدولة ولا أن تدخل حتى للولادة في المستشفى إلا إذا خلعت حجابها.. كيف تنكر هذا؟

أدعو للحرية الشخصية

هناك فرق بين ما يسمى بالزي الطائفي الحجاب وبين الزي التونسي التقليدي المحرمة الفولار وهذا هو المطلوب لا الحجاب المستورد!

مستورد ممن: من أوروبا، من السعودية، من مصر؟! أريد أن أوضح هناك شيء يسمى بالحرية الشخصية والحرية الدينية، واحدة تريد أن تلبس خماراً أو إيشارب أبيض، وواحدة تلبسه أخضر، أسود، فهي حرة (على رأي المصريين: واحد شايل ذقنه، أنت تعبان ليه) لا أتدخل في حرية الناس، أنا شخصياً لا أقول النقاب، من تلبسه هي حرة، لا أوجب عليها ذلك ولكني لا أمنعها.

نحن نقول: إن هذا من الحرية الشخصية والشخصية الدينية، لا أعرف فولار أو غيره.. وأقول إن النقاب ليس ببدعة وليس بواجب، وكتبت في هذا فتوى وأخرى.. وأنا مع رأي الجمهور في عدم وجوبه ودللت على ذلك بأدلة كثيرة.

ما هو تقييمكم لردود الفعل حول زواج المسيار؟

في كلمتي التي ستنشر يومي الاثنين والثلاثاء في الصحف إجابة على كل التساؤلات حول المسيار إن شاء الله.. وبايجاز:

ما رجعت عن رأيي في زواج السيار.. ورأيي من قديم هو: لست من المحبذين لزواج المسيار، ما خطبت خطبة أدعو فيها إلى المسيار، ولا نشرت مقالة قلت للناس تزوجوا زواج المسيار.