السؤال: أنا طالب بالمرحلة الثانوية، أحب الدين، وأقبل على العبادة، ولكن تقف أمامي عقبة: هي سرعة انفعالي برؤية أي مناظر تؤثر في الشهوة الجنسية، ولا أكاد أملك نفسي من ذلك، وهذا يجعلني دائمًا في تعب ومشقة بسبب كثرة الاغتسال، وتطهير الثياب الداخلية، فهل عند سيادتكم حل سريع لهذه المشكلة حتى أظل محتفظًا بديني، محافظا على عبادتي؟

الجواب:

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين، وبعد :

فنقول للسائل الكريم عليك بالابتعاد عن المناظر المثيرة التي توصلك إلى هذه الحالة من الإثارة، كما عليك أن تراجع طبيبا مختصا فقد تكون هذه حالة مرضية تعالج منها فتبرء بإذن الله تعالى، كما عليك أن تتبين السائل الذي نزل منك فقد يكون مذيا أو وديا، وهو السائل الذي يخرج بغير تدفق، ولا يشعر المرء بعده بفتور وضعف، والمذي والودي يكفيك فيهما الاستنجاء والوضوء.. يقول فضيلة الشيخ:

أولا: نبارك في الشاب السائل هذا الاتجاه الديني الرشيد، ونطلب منه الاستمساك به والحرص عليه، والبعد عن قرناء السوء، والحفاظ على دينه من موجات المادية والانحلال، التي أفسدت كثيرًا من شبابنا، ونبشره باندراجه في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ما دام قد نشأ في طاعة الله تعالى.

ثانيًا: ننصح السائل أن يعرض نفسه على طبيب مختص، فربما كانت مشكلته مشكلة عضوية بحتة، وعند الأطباء العارفين أدوية لمثل هذه الأدواء، وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (النحل:43)، وقال رسوله عليه السلام: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء".

ثالثًا: ننصح له كذلك أن يتجنب - بقدر استطاعته - المواطن التي من شأنها أن تثير شهوته، وتجلب عليه المتاعب، وواجب المؤمن ألا يضع نفسه مواضع الحرج، وأن يسد كل باب تهب منه رياح الفتنة على نفسه ودينه، ومن الحكم المأثورة: "ليس العاقل الذي يحتال للشر بعد أن وقع فيه، ولكن العاقل الذي يحتال للشر ألا يقع فيه". ومن شيمة الصالحين أن يتجنبوا الشبهات حتى لا يقعوا في الحرام، بل يجتنبوا بعض الحلال حتى لا يقعوا في الشبهات، وفي الحديث: "لا يبلغ عبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة ما به بأس".

رابعًا: ليس كل ما يخرج من الإنسان- بعد رؤية المناظر الجنسية المثيرة - "منيًا" يوجب الاغتسال، فقد يلتبس هذا بالمذي وهو سائل أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو الرؤية أو التخيل الجنسي، بلا شهوة ولا تدفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهذا المذي حكمه حكم البول ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، بل ورد عن الرسول عليه السلام الترخيص في رش ما يصيب الثوب بدلاً من غسله.

عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقي من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنما يجزيك من ذلك الوضوء" فقلت يا رسول الله، كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه". رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال: حسن صحيح. ونضح الثوب بالماء رشه به، والرش لا شك أيسر من الغسل، وهو تخفيف وتيسير من الله لعباده في مثل هذه الحالة التي يشق فيها الغسل المتكرر، وصدق الله العظيم: {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (المائدة:6).