السؤال: بالنسبة لرمي الجمرات قبل عامين حججت ورميت الجمرة الأولى في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني لم أستطع أن أرمي الجمرة الثانية بسبب الزحام ووكلت زوجي، فهل هذا جائز أم لا؟ مع العلم أنني لست كبيرة في السن.

جواب فضيلة الشيخ القرضاوي:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..

جاء عن الصحابة أنهم قالوا: حججنا ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، بعضهم قال: رمينا عن النساء، ولهذا لا مانع من نيابة الرجل عن المرأة في الرمي وخصوصا النساء الكبيرات في السن والنساء الحوامل، ولا سيما في الزحمة الشديدة في هذه السنين والحجاج أكثر من مليونين، وبخاصة أن بعض العلماء يشددون على الحجاج فلا يجيزون الرمي إلا بعد الزوال، وبعد الزوال يكون الحال غير مستطاع إطلاقا، أمواج من البشر، تتلاطم عند الرمي، فمن عدة سنوات قتل نحو ثمانمائة شخص تحت أقدام الناس من الزحام الشديد، ولذلك في هذه الحالة، يجوز أن توكل المرأة زوجها في الرمي عنها.

وإن كنت أرى حلا لهذا أن نجيز الرمي قبل الزوال، نأخذ بالرأي الذي يقول أن الرمي قبل الزوال جائز وهذا قال به أئمة ثلاث كبار، قال به عطاء فقيه مكة، وطاووس فقيه اليمن، وقال به أبو جعفر الباقر محمد بن علي من أئمة أهل البيت، وقال به الرافعي من الشافعية، ومنذ حوالي 40 سنة ألف الشيخ عبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في قطر رحمه الله رسالة اسمها (يُسر الإسلام) أجاز فيها الرمي قبل الزوال ودلل على ذلك بأدلة كثيرة، منها إن قيام الإسلام على اليسر وعلى رفع الحرج ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سُئل عن شيء قُدِم ولا أُخر إلا قال: افعل ولا حرج.

وقال إن الرمي يتم بعد التحلل النهائي من الحج، فليس من أركان الحج ولا من فرائضه، وبعض العلماء قال يجوز أن تؤخر الرمي إلى اليوم الثالث، يعني ترمي يوم العقبة وتؤخر الرمي بعد ذلك إلى اليوم الثالث، فإذا كان الأمر هينا إلى هذه الدرجة فلماذا التشديد على الناس، لذلك فأنا ممن يرى الترخيص للناس وخصوصا أننا لو حسبناها حسبة رياضية نرى أن مليونين وقد يصل العدد في السنوات القادمة إلى 3ملايين في مكان محدود وزمان محدود ماذا يفعل الناس، لا بد أن نوسع الزمان على الناس، فلا نستطيع أن نوسع المكان إنما نوسع الزمان، وصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى رمية العقبة يوم العيد، يوم النحر رماها ضُحى، والرميتان الأخريان رماهما بعد الزوال، ولكنه لم ينه عن الرمي قبل الزوال، هذا فعله والفعل لا يدل على الوجوب، إنما يدل على المشروعية، خصوصا أنه عندما كان يذهب لصلاة الظهر يرمي، فأنا أرى التيسير على المسلمين في عصرنا، وخصوصا في السنوات القادمة فالحج سيزداد وينبغي أن نيسر على الناس، ونجيز لهم الرمي قبل الزوال، وفي الحقيقة الناس يرمون من طلوع الشمس، فهذا هو الأيسر والأليق بما جاء به هذا الدين من السماحة والتيسير.