السؤال: "هيئة الإغاثة الإسلامية" بـبريطانيا عبارة عن هيئة خيرية تقوم بجمع التبرعات من بريطانيا وخارجها وتوزيعها على المسلمين في مخـتلف مناطق العالم الإسلامي، خاصة أفغانستان ولبنان وفلسطين وإفريقيا وبنجلاديش.

وحيث أن الهيئة بحاجة إلى مبني يكون مقرًا دائمًا لها؛ فنود أن نعرف الرأي الشرعي في هذه المسألة، وأنه هل يجوز أن نشتري مبنى من الأموال المتبرَع بها من عدمه، وبخاصة أن المتبرِع أحيانًا يتبرع بأمواله لصرفها في الجهات المشار إليها، وأحيانًا أخرى يترك للجهة المشرفة على الهيئة حرية التصرف في صرفها على المحتاجين.

كذلك نود أن نعرف الحدود المسموح لنا بها لشـراء المبنى إذا لم يـكن هنـاك مانع شرعي.

نرجو الإفادة وجزاكم الله خـيرًا .

رئيس هـيئة الإغاثة

برمنجهام إنجلترا

جواب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:

الأخ الفاضـل الأستاذ / رئيس هيئة الإغاثة الإسلامية "حفظه الله".

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والاه.. أما بعد..

فلا يجوز إقامة مبنى للهيئة المذكورة من الأموال التي تبرع بها أصحابها للصرف على جهات محددة، مثل إغاثة الملهوفين والمنكوبين في المجتمعات والكوارث والحروب ونحوها.. ويجب مراعاة نيات المتبرعين في ذلك، وبخاصة أن كثيرًا من هـذه الأمـوال يكون من الزكاة، وللزكاة مصـارفها الشـرعية المعلومة، التي لا يجوز أن تُصـرف في غيرها.

وإن كان بعض المتبرعين يترك أحيانًا للجهة المشرفة على الهيئة حرية التصرف في صرفها على المحتاجين -كما يقول السؤال- فالواضح أنه قد حدد المصرف، وإن لم يُحدد المصروف إليهم بالضبط، وترك ذلك للمشرفين ثقة منه بأمانتهم وإخلاصهم وحسن تقديرهم، ومعنى هذا أنهم يستطيعون أن يوجهوها إلى فلسطين أو أفغانستان أو بنجلاديش أو إفريقيا، أو غيرها، على شرط أن يكون الصرف إلى المحتاجين.

أما المصـاريف الإدارية التي لا بد منها لإيصـال التـبرعات إلى مستحقـيها؛ فلا بأس أن تؤخذ من جمــلة التـبرعات؛ اعـتبارًا بما قرره القرآن الكـريم في مصـارف الزكاة "من إعطاء العاملين عليها" من حصـيلة الزكـاة نفسـها، وبناء على أن ما لا يـتم الواجـب إلا به فهو واجب.

على أن يكون ذلك في أضيق الحدود المستطاعة؛ حفظًا لأموال المتبرعين أن تُنفق على المكاتب والأثاث والإداريات والتنقلات ونحوها، وهذه آفة من الآفات التي يشكو منها الحكماء والمخلصون.

أما إقامة مبنى مستقل مملوك للهيئة فينبغي ـ إذا تأكدت الحاجة إليه، وأجمع على ذلك أهل الرأي والصدق ـ أن تُجمع له تبرعات بهذا القصد، يدفعها من يدفعها وهو عالم بمصرفها وغرضها. وهو مأجور على ذلك أيضًا، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.

والله نسأل أن يرزقنا سلامة القصد، وسداد المنهج، وشرف الغاية، واستقامة الطريق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته