تحدث الكاتب والمفكر المصري فهمي هويدي في مقال بعنوان "في أن التقشف هو الحل" (الجزيرة نت) عن فتوى للعلامة الدكتور يوسف القرضاوي يمكن أن توفر لحكومة الثورة بمصر مبالغ طائلة، وهي تجيب عن هذا السؤال: هل يجوز دعوة الراغبين في أداء العمرة أو الحج إلى توجيه المبالغ التي خصصوها لهذا الغرض لصالح صندوق يدعم اقتصاد البلد في الظروف الراهنة؟
يقول هويدي:
حين قرأت أن حكومة الثورة بحاجة إلى سيولة تقدر بنحو 2 مليار دولار لتلبية احتياجات السنة المالية الحالية (حتى شهر يونيو/حزيران المقبل)، ووجدت أن المصريين يدفعون المبلغ ذاته كل سنة تقريبا لأداء العمرة وفريضة الحج، توجهت بالسؤال التالي إلى الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: هل يجوز دعوة الراغبين في أداء العمرة أو الحج إلى توجيه المبالغ التي خصصوها لهذا الغرض لصالح صندوق يدعم اقتصاد البلد في الظروف الراهنة؟ وما مصير العمرة أو الحجة في هذه الحالة؟ وهل يدخل دعم اقتصاد البلد ضمن مصارف الزكاة التي يتعين على المسلمين الوفاء بها؟
هاتفيا وجهت إليه السؤال. وحين رد صغت إجابته وقرأتها عليه وأجازها. وكانت كالتالي: إذا حل ظرف طارئ ببلاد المسلمين عانت فيه من الشح في الموارد المالية، فلولي الأمر أن يقيد العمرة لأنها نافلة وليست فرضا، ويسري ذلك أيضا على حج التطوع الذي يعد نافلة بدوره (المسلم مكلف بحجة واحدة وما زاد على ذلك عد نافلة). والقيد هنا ينصب على الحالة التي يدفع فيها الراغب مالا للحج أو العمرة، ولا يشمل ما كان منها بالمجان. وإذا أودع المسلم حصته من المال في هذه الحالة بعد أن عقد نيته على السفر، فإن العمرة أو الحجة تحسب له. أما توجيه الزكاة لصالح إنقاذ اقتصاد البلد المسلم أو حتى تنميته والوفاء بحقوق أهله فذلك مما يعد في سبيل الله، الأمر الذي يدخل ضمن المصارف الشرعية المعتبرة.
هذه الفتوى المهمة إذا توافقت عليها المؤسسات الدينية ومجمع البحوث الإسلامية في المقدمة منها، فإنها يمكن أن تشكل إسهاما إيجابيا في مواجهة الأزمة، فضلا عن أنها تضع أيدينا على باب لاستثمار الطاقات الإيمانية لصالح المجتمع، يخرجنا من دوامة الشائعات والتلويحات الفجة التي تروج لتنفير الناس من القيم الدينية أو محاولة تشويهها وتوظيفها لتفكيك المجتمع والوقيعة بين مكوناته المختلفة.