السؤال: ما هي الأمور التي يجب أن نهتم بها في حياتنا كمسلمين، وفي حياة الناس كدعاة إلى الله، حيث إن أمور الإسلام كثيرة، ولا ندري ما يجب الاهتمام به وإعطاؤه أهمية عن غيره؟

الإجابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالقرآن الكريم هو دستور المسلمين الذي ينير لهم الطريق، والواجب أن يهتم المسلم بما اهتم به القرآن الكريم، من أصول الإيمان، والأخلاق الفاضلة، وحسن المعاملة، وغيرها من أصول العبادات والمعاملات.

يقول سماحة الشيخ يوسف القرضاوي، رحمه الله تعالى:

مِن المعايير التي ينبغي الرجوع إليها في بيان ما هو أحق وأَوْلَى بالرعاية والتقديم على غيره: أن نُعنَى بالأمر على قدر ما عني به القرآن الكريم. فما اهتم به القرآن كل الاهتمام، وكرَّره في سُوَره وآياته، وأكَّده في أمره ونهيه، ووعده ووعيده؛ يجب أن تكون له الأولوية والتقديم والعناية في تفكيرنا وفي سلوكنا، وفي تقويمنا وتقديرنا.

وذلك مثل الإيمان بالله ـ تعالى ـ وبرسالاته إلى أنبيائه، وبالدار الآخرة، وما فيها من ثواب وعقاب، وجنة ونار.

ومثل أصول العبادات والشعائر من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والصيام والحج وذكر الله ـ تعالى ـ وتسبيحه وتحميده واستغفاره والتوبة إليه، والتوكُّل عليه والرجاء في رحمته والخشية من عذابه، والشكر لنعمائه، والصبر على بلائه إلى آخر تلك العبادات القلبية الباطنة، والمقامات الربانية العالية.

ومثل أصول الفضائل ومكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات من الصدق والأمانة والقصد والعفاف، والحياء والتواضع، والبَذْل والسخاء، والذِّلَّة على المؤمنين والعِزَّة على الكافرين، والرحمة بالضعفاء، وبِرِّ الوالدَيْنِ، وصِلَة الأرحام، وإكرام الجار، ورعاية المسكين واليتيم وابن السبيل.

وما اهتمَّ به القرآن اهتمامًا قليلاً، نُعطيه مثل ذلك القَدْر من الاهتمام ولا نُبالِغ فيه، مثل "الإسراء" بالنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ الذي أعطاه القرآن آية واحدة، وليس كالغزوات التي أخذت سُوَرًا كاملة. أما "مَوْلَد النبي" فلم يُعِرْه القرآن التفاتًا؛ فدلَّ على أنه أمر غير ذي بال في الحياة الإسلامية، إذ لم يرتبط به معجزة كما ارتبط بميلاد المسيح، كما لم يرتبط به عمل أو عبادة تُطلَب من المسلمين على وجه الإيجاب، ولا على وجه الاستحباب.

فهذا معيار لا يُخطئ؛ لأن القرآن هو عمدة المِلَّة، وأصل الدين، وينبوع الإسلام، والسُّنَّة إنما تأتي شارحة مُبيِّنة والله ـ تعالى ـ يقول: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء:9)، ويقول: {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (المائدة:15-16)، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } (النحل:89).

والمقصود: أنه بيَّن الأصول التي لابد منها؛ ليقوم الدين على أساس مكين، فما من أصل من الأصول الكلية التي تحتاج إليها الحياة الإسلامية، إلا وهو مُنْبَثِقٌ من القرآن، إما مباشرة أو بالاستنباط. وقد جاء عن الخليفة الأول قوله: لو ضاع مِنِّي عِقالُ بعير لوجدتُه في كتابِ الله.

والله أعلم