السؤال: لماذا يقتصر دور المسجد على الصلاة وتحفيظ القرآن فقط؟ لماذا لا يتسع لدور رياضى كبناء صالة ألعاب؟ وكذلك هل يوجد مانع من بناء دور عرض سينمائي بالمساجد الكبيرة، خاصة مع معرفتنا بدور السينما في التأثير على الرأي العام؟ ولماذا لا يتم استخدام هذا في خدمة قضايا الدين المختلفة، خاصة مع وجود نماذج ناجحة على هذا الطريق؟ والسؤال الأول: ما رأي علمائنا الكبار في هذا الموضوع؟ والثانى: لماذا لا يتبنى أحدهم هذه الفكرة، خاصة مع وجود تجارب ناجحة في هذا الصدد وإن كانت محدودة وشخصية؟ برجاء الإفادة وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا شك أن رسالة المسجد أعمق وأشمل بكثير عن هذا الدور الضئيل الذي قصره الناس عليها في هذه الأيام، ولقد كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أنموذجا لهذا الدور.
وعلى ذلك فلا يوجد مانع من أن يكون بالمسجد ملاحق للتعليم عن طريق عروض السينما والكمبيوتر، وكافة الوسائل التوضيحية خاصة في المسائل التي لا تتجلى بالشرح النظري، مثل فقه الحج والعمرة، وفقه الزكاة، وفقه المعاملات، وغير ذلك.
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
مما يَحسُن أن يلحق بالمساجد: أشياء تَشُدُّ من أَزْرِ المسجد، وتُساعِده في أداء مهمته التعليمية والتوجيهية والاجتماعية والدعوية، وقد عَرَفها المسلمون في العصور السابقة، لا سيَّما في عصر العباسيين والفاطميين، والأمويين والمماليك والعثمانيين وغيرهم.
من ذلك: المدرسة مُلْحَق بالمسجد، وبعض المساجد كان يُعتَبَر جامعة في ذاته، مثل الأزهر في مصر، والزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب. وبعضها أُلحِقَتْ به مدرسة في رِحابِه، وكأنها جزء من المسجد ومن المطلوب في عصرنا: مدارس تحفيظ القرآن الكريم.
ومنها: مساكن للطلاب، كما في الأَرْوِقَة التابعة للأزهر، مثل رَوَاق المغاربة، ورواق الشُّوُّام، ورَوَاق الأتراك، وغيرهم.
ومنها: المكتبة، وكثير من المكتبات الشهيرة اليوم، والحافلة بالمخطوطات الثمينة في مختلف العلوم الإسلامية، هي من مَكتبات المساجد، مثل المكتبة السليمانية في مدينة استانبول، وهي من ملاحق جامع السليمانية، ومكتبة السلطان أحمد، و"نور عثمانية"، ومكتبة الجامع الأزهر في القاهرة وغيرها.
ومنها: الساحات الرياضية، التي تُغْرِي الشباب بالصلاة في المسجد، ثم يَخرُج منه إلى ممارسة هوايته الرياضية في كرة السلة أو الطائرة، أو لُعبة من العاب القوى أو غيرها.
والكنائس تُتَاح لها هذه الفرصة في عصرنا، ويُمارَس فيها ألوانٌ متعددة من الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية، ولا يُتَاح للمسلمين في دار الإسلام بعض هذه الأنشطة، واأسفاه.
ومنها: قاعات للاجتماعات المختلفة، لتنظيم بعض الأنشطة، التي ذكرناها والإشراف عليها.
ومنها: قاعات المناسبات، وهذه موجودة في القاهرة وغيرها، تابعة لبعض المساجد الكبيرة، إلى غير ذلك مما يَتَجَدَّد باستمرار، ولا يَجْمُد على حال، والمطلوب أن تُواكِب المساجد تَطوُّر المجتمع، ولا تَتخَلَّف عنه، بل تُواجهه وتُوجِّهه إلى الحق والخير، كما ينبغي أبدًا أن تكون. والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
الله أعلم.
- المصدر: إسلام أون لاين