السؤال: ما حكم البوفيه المفتوح المعمول به في بعض المطاعم؟ حيث يدفع الزبون مبلغًا معينًا يدخل به إلى المطعم ويأكل ما يشاء، ومثل ذلك ما تفعله محلات ترفيه الأطفال، حيث يدفع الطفل مبلغًا معينًا يلعب بها ما يشاء من الألعاب، هل في هذا غرر؟ وهل يمكن تشبيهه بالرسوم التي تؤخذ لدخول الحدائق العامة والمنتزهات؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
كل عقد للبيع فيه ثغرة للتنازع بسبب جهالة في المبيع لأنه غرر يؤدي إلى الخصومة بين الطرفين، أو غبن أحدهما الآخر؛ فقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - سدًا للذريعة.
وفي هذا جاء النهي عن بيع ما في صلب الفحل أو بطن الناقة أو الطير في الهواء أو السمك في الماء وعن كل ما فيه غرر (النهي عن الغرر في صحيح مسلم وغيره)، (أي جهالة وعدم تحديد للمعقود عليه).
ومِن ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد الناس في زمنه يبيعون الثمار في الحقول أو الحدائق قبل أن يبدو صلاحها. وبعد تعاقدهم يحدث أن تصيبها آفة سماوية، فتهلك الثمار، ويختصم البائع والمشترى، يقول البائع: قد بعت وتم البيع، ويقول المشترى: إنما بعت لي ثمرًا ولم أجده، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها (رواه الشيخان)، إلا أن يشترط القطع في الحال، ونهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة (أخرجه مسلم).. وقال: "أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يستحل أحدكم مال أخيه"؟ (رواه البخاري وغيره).
وليس كل غرر ممنوعًا، فإن بعض ما يباع لا يخلو من غرر، كالذي يشترى دارًا مثلًا لا يستطيع أن يطّلع على أساسها وداخل حيطانها، ولكن الممنوع هو الغرر الفاحش الذي يؤدي إلى الخصومة والنزاع، أو إلى أكل أموال الناس بالباطل.
فإذا كان الغرر يسيرًا - ومرد ذلك إلى العرف - لم يحرم البيع، وذلك كبيع المغيبات في الأرض كالجزر والفجل والبصل ونحوها، وكبيع المقاتي (مزارع القثاء والبطيخ ونحوها) كما هو مذهب مالك الذي يجيز بيع ما تدعو إليه الحاجة ويقل غرره بحيث يحتمل في العقود.
قال ابن تيمية في القواعد النورانية: أصول مالك في البيع أجود من أصول غيره، فإنه أخذ ذلك عن سعيد بن المسيب الذي كان يقال هو أفقه الناس في البيوع (ص118) وقريب منه مذهب أحمد.
والله أعلم