في أوائل شهر يونيو 1957، وبدون مقدمات ممهدة؛ حدث حادث رهيب زلزل قلوب الإخوان زلزالًا شديدًا في كل مكان، وأثر في نفسي خاصة تأثيرًا شديدًا أليمًا. وهو حادث ليس له أي مبرر منطقي في سياق الأحداث، فقد وقف الإخوان - كما سبق أن ذكرت - مع عبد الناصر في تأميمه لقناة السويس، ووقفوا معه ضد العدوان الثلاثي على مصر، فما الداعي لهذا الحادث الرهيب، أو هذه المجزرة البشرية التي وقعت في أول شهر يونيو سنة 1957، والتي عرفت بـ «مذبحة ليمان طرة»؟
كان «ليمان طرة» هو السجن الذي يقضي فيه الإخوان المدد التي حكم عليهم فيها بالأشغال الشاقة، يصعدون إلى الجبل كل يوم ليقطعوا الأحجار والصخور، كما يفعل القتلة وقطاع الطريق. وكان الإخوان المسجونون راضين بما كتب الله لهم، محتسبين تعبهم ومعاناتهم في تقطيع الأحجار عند الله تعالى، وفيهم: أساتذة الجامعة، والأطباء، والمهندسون، والمحامون، والمربون، والتجار، والموظفون، ومن كل الحرف والطبقات.
والحق أن زبانية السجن أو الليمان كانوا يعاملون المجرمين العتاة بطريقة أرق وأرفق مما كانوا يعاملون به الإخوان. وكانت الأوامر أو التوجيهات الصادرة إليهم من الجهات العليا تحتم أن يظل الإخوان في كدر دائم، وألا يدَعوهم في حالة يشعرون فيها بالهدوء والسكينة.
وقد حزنا أشد الحزن، وغضبنا أشد الغضب، لما جرى لإخواننا المسجونين من إطلاق الرصاص عليهم من سجانيهم، حتى قتل منهم أكثر من عشرين، وجرح أكثر من عشرين، بطريقة وحشية لا رحمة فيها ولا إنسانية. والمفروض أن السجناء هم ودائع في أيدي سجانيهم، ومن واجبهم المحافظة عليهم، ورعاية حقوقهم، وصيانة حرماتهم، لا الاعتداء عليهم وسفك دمائهم.
وقد ذكر الأستاذ المفكر الفرنسي رجاء جارودي: أن الذي حبب إليه الإسلام: أنه كان أسيرًا في الحرب العالمية الثانية، وأن آسره أمر أحد الجنود الذين كانوا يحرسونه - وكان مسلمًا - أن يطلق النار على أسيره، فرفض الجندي. فلما سأله الضابط: لماذا لم تقتله؟ قال: إن عقيدتي وتقاليدي تمنعني أن أقتل أسيرًا لا يملك الدفاع عن نفسه. فهؤلاء قتلوا سجناءهم من مواطنيهم وأبناء جلدتهم، وهم أسرى عندهم لا حول لهم ولا قوة.
لقد ذرفت عيني الدموع، واضطرب قلبي بين الضلوع؛ حين بلغني نبأ إخواني الذين خروا صرعى برصاص الغدر، دون ذنب اقترفوه؛ إلا أنهم طالبوا كتابيًّا أن تحقق النيابة في طريقة التعامل القاسي والشاذ الذي يُعاملون به. وكان من هؤلاء الشباب أعرفهم حق المعرفة: السيد العزب صوان، من إخوان المحلة، وعليّ إبراهيم حمزة، الذي كان من إخوان المحلة، وكان من أقرب الشباب إليَّ، ثم ذهب إلى حلوان، واعتقل من هناك، وشباب من أبناء الأزهر ودار العلوم، منهم: خيري عيطة، وعثمان عيد، وآخرون لا أذكر أسماءهم الآن.
شهد هذه المذبحة أحد الإخوة المسيحيين اللبنانيين الذي كان في طرة في ذلك الوقت، ورأى بعينه ما جرى وسجّله في كتاب له تحت عنوان: «أقسمت أن أروي»، وهو كتاب صغير، ولكنه جدير أن يُقرأ، ليُعرَف ماذا يفعل الإنسان بأخيه الإنسان، بل ماذا يفعل المصري بأخيه المصري، إذا فرغ قلبه من الإيمان، ولوثت ضميره الأهواء، وغشت على بصيرته الظلمات؟
وقد سمى مؤلف هذا الكتاب نفسه: «روكسي معكرون»، وأحسبه اسمًا مستعارًا، خشية من بطش المباحث المصرية به. كما سجّل ذلك الأخ الصحفي المعروف جابر رزق في كتابه: «المؤامرة على الإسلام مستمرة». وكذلك سجله الصحفي الكبير الأستاذ مصطفى أمين في كتابه: «سنة ثانية سجن»! الذي قال فيه: "في أحد أيام شهر يونيو سنة 1957 كنت جالسًا في مكتبي في أخبار اليوم عندما اتصل بي قسم الاستماع بأخبار اليوم، وأخبرني أن إذاعات العالَم تذيع أنه حدثت مذبحة في سجن ليمان طرة، وأن أكثر من عشرين مسجونًا من الإخوان المسلمين قتلوا في زنزاناتهم، وأن أكثر من خمسين منهم جرحوا! واتصلت على الفور بوزارة الداخلية، وسألت عن حقيقة الخبر، فأكد لي مسئول كبير في الوزارة أن الخبر كاذب، ولا أساس له من الصحة.
واتصلت برياسة الجمهورية وسألتهم عن حقيقة النبأ، فأكدت لي الرياسة أنها أكذوبة استعمارية أطلقتها إذاعات الاستعمار، ومقصود بها تشويه سمعة مصر في عيون العالم! وصدقت هذا التكذيب الرسمي إلى أن دخلت سجن الاستئناف، وإذا بأحد الحراس يعترف أنه اشترك في المذبحة، وأن الأوامر التي كانت لديه بقتل جميع المسجونين السياسيين الموجودين في الطابق الثالث في العنبر رقم واحد بليمان طرة! وفي سجن القناطر قابلت عددًا من الحراس الذين حملوا القتلى بعد المذبحة من العنبر إلى مستشفى السجن، وكان الخلاف الوحيد في الرواية: أن بعضهم قال: إن عدد القتلى كان عشرين قتيلًا، والبعض الآخر قال: إن عددهم كان واحدًا وعشرين قتيلًا!
وعندما نُقلت إلى ليمان طرة لاحظت وأنا أتفحص زنزانتي في الطابق الرابع في عنبر واحد: أن جدران الزنزانة فيها عدد من الخروق، وسألت عن هذه الخروق، فقيل لي: إنها رصاص مذبحة طرة! وبدأت أحقق بنفسي في هذه المذبحة الخطيرة، وسمعتُ شهودها الذين بقوا على قيد الحياة".
وقد وصف الواقعة وصفًا دقيقًا بعض الذين شهدوها من الإخوان المسجونين، كما سجَّل ذلك جابر رزق، يصف أحد شهود الواقعة من المسجونين وهو الأخ حسن عبد الستار ما وقع فيقول: «في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا، حضر إلينا مأمور أول الليمان العقيد إسماعيل طلعت، والتففنا حوله، وما كدنا نتحدث معه حوالي عشر دقائق إذا بأحد الحراس الذين يعملون بمكاتب إدارة السجن يحضر ويهمس في أذنه بشيء لم نسمعه ... فانصرف على الفور، وما كاد يصل إلى المكاتب حتى سمعنا ضجة كبيرة في مدخل العنبر ... فنظرنا ... فإذا بكتيبة الليمان بكامل أسلحتها، وعددها حوالي ألف جندي وصف ضابط، انقسموا قسمين: قسم توجه إلى الدور الثاني، وقسم صعد إلى الدور الرابع، واصطفوا في الطرقات من الجانبين، وأخذوا وضع الاستعداد للضرب، ونحن محصورون في الدور الثالث بين نيران أسلحتهم من أعلى ومن أسفل.
كل هذا تم، ونحن لم يدر في خلدنا أنهم قد وصلت بهم حالة الهوس إلى الضرب في المليان؛ لأن هذه الحالة لم يسبق لها مثيل في سجون الدول الشيوعية التي تحكم بحكم الفرد ... ونحن حينما امتنعنا عن العمل في الجبل وطلبنا تحقيق النيابة، كنا نتصرف حسب لائحة الليمان الداخلية، التي تنظر طريقة العقاب ... فالممتنع عن العمل حسب اللائحة يجلد من (12) إلى (16) جلدة في المرة الأولى، ثم تضاعف العقوبة في المرة الثانية، ثم تكون ثلاثة أمثال المرة الأولى، ثم يخزن عن العمل نهائيًّا!! أقول: كنا نتصرف حسب اللوائح، وكنا مستعدين لتطبيقها علينا، ولكن لم نكن نفكر أن الحقد الأسود يصل بالسفاحين إلى درجة قتلنا وسفك دماء الأبرياء بهذه الطريقة الهمجية!!
صلاح الدسوقي بنفسه داخل المذبحة!!
وما كاد الجنود يأخذون أماكنهم في وضع الاستعداد؛ حتى دخل مدير الليمان ومعه بعض المدنيين من خارج الليمان، عرفنا منهم: صلاح الدسوقي الششتاوي، الذي شغل منصب محافظ القاهرة فيما بعد، وأحمد صالح داود، من المباحث العامة، وما هي إلا لحظة حتى رفع مدير الليمان سيد والي يده بالمسدس، وأطلق رصاصة كانت بمثابة إشارة البدء في المذبحة الرهيبة؛ انطلقت النيران من ألف قطعة سلاح دفعة واحدة. ظننا في بادئ الأمر: أن هذا الرصاص «فشنك» بقصد الإرهاب والتخويف ... ولكننا وجدنا الإخوان يتساقطون واحدًا بعد الآخر... ويكمل الأخ مصطفى المصيلحي: رأيت ثلاثة من الإخوان يسقطون في لحظات: الشهيد أحمد قرقر، والشهيد السيد العزب صوان، والشهيد عصمت عزت عثمان».
الأمر بالإجهاز على من بقي حيًّا!!
ويضيف الأخ حسن عبد الستار: استمر إطلاق النار حوالي أربعين دقيقة، مضت كأنها دهر كامل، ونحن نسمع دوي الرصاص مختلطًا بصرخات وآهات مكتومة، ودعوات ضارعة إلى الله! ثم توقف الضرب بعد صدور الأمر بذلك. ولكن لم تمض حوالي خمس دقائق حتى سمعنا صوتًا كأنه الثور الهائج يصدر أوامره لحملة «الشوم» الغليظ من السجانين: أن يقتحموا الزنازين واحدة بعد الأخرى، ويجهزوا على من بقي على قيد الحياة من الإخوان! وكان صاحب هذا الصوت هو النقيب عبد اللطيف رشدي ...
وفعلًا بدأ حمل الشوم الغليظ بالمخزن البحري. وكان به حوالي تسعة من الإخوان كان قد استشهد منهم خمسة، أما الأربعة الباقون: فكانوا في حكم الأموات، فاقدي الوعي، يسبحون في دمائهم ودماء إخوانهم الشهداء! فظنوهم جميعًا أمواتًا. فتوجهوا إلى المخزن القبلي وحاولوا فتحه؛ إلا أن القدر كان قد سبقهم وأبى الباب أن يُفتح؛ لأن رصاصة كانت قد استقرت في «الكالون» فسمكرته فأنجى الله الأحد عشر أخًا الذين كانوا بداخله من موت محقق... ثم توجهوا إلى الزنزانتين المجاورتين، وهما رقما (13) و (14)، فأجهزوا على الستة الذين كانوا بداخلهما.
ويكمل الأخ مصطفى المصيلحي: وجاء الدور علينا. وفتحوا باب الزنزانة ورأيت النقيب عبد اللطيف رشدي وبيده المسدس، ومعه عدد من السجانة، وبعض جنود الكتيبة من حملة الشوم، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أخرج من الزنزانة متفلتًا من جواره، وأجري في الطرقة نحو السلم الموصل للدور الأرضي، فسمعت طلقة، وأحسست بالدماء تسيل على وجهي. واعترضني سجان بيده شومة غليظة هوى بها على رأسي في نفس المكان الذي أصابتني فيه الرصاصة الطائشة، ضربات قاسية متتالية ... فهويت إلى الأرض وأحسست أنني أسقط بسرعة مذهلة في بئر لا قرار لها ... تذكرت أبي وأمي وزوجتي وأخواتي وجميع أقاربي وأصدقائي، ونطقت بالشهادتين، ثم غبت عن الوعي.
ثم أفقت بعد قليل وسمعتُ صوتًا ينادي على الجرحى، وطلبوا من كل جريح أن يرفع يده لنقله إلى المستشفى ... فرفعت يدي فحضر الممرض وحاول حملي فلم يستطع، فأطلق لسانه لي بالسب، وجعل يجرني من قدمي حتى وصل إلى نهاية الطرقة، ثم بدأ ينزل السلم على نفس الوضع يجرني من قدمي، وشعرت بألم شديد برأسي من ارتطام الرأس بدرجات السلم، فاستعنت بالله ووقفت، وكان وقفتي بجوار ضابط العنبر الملازم عبد العال سلّومة فنظر إليَّ، وفي هذه اللحظة تقدم نحوي أحد جنود الكتيبة، وصوب إلى صدري بندقيته وقال: أنت الشيخ محمود...
ولم أفهم ماذا يقصد... واستعد لإطلاق الرصاص عليَّ، ولكن الذي منعه هو الملازم أول عبد العال سلومة! الذي سخره الله في تلك اللحظة... نزلت مع الممرض إلى فناء العنبر، ثم وقعت، فأحضر نقالة وتعاون مع زميل له وخرجا بي إلى مستشفى الليمان، وحين ذلك سمعت من يقول لي: وانت لسه عايش يا ابن الـ ... وأشفع القول بضربة قاسية خلف أذني، جعلت الدم يندفع كالنافورة إلى أعلى.
ووصلنا حجرة العمليات فرأيت جثثًا كثيرة ملقاة على الأرض والدماء تغطيها تمامًا ... كان هؤلاء هم جرحى المذبحة في انتظار الدور لإدخالهم غرفة العمليات، حيث يوجد طبيب واحد أظنه كان الدكتور عبد القادر الحسيني ... خرج الطبيب من الغرفة فرآني محمولًا على نقالة ونافورة الدم مندفعة مني ... وأشار إلى الممرضين بإدخالي إلى غرفة العمليات، وكانت العمليات تجري بدون بنج وبأقل الإمكانيات، وأثناء العملية لم أكن أحس بأي ألم ... ثم نقلت بعدها إلى عنبر الجرحى بالمستشفى، وكنت شبه مغمى عليَّ، أفيق لحظات فأتقيأ دمًا.
(21) قتيلًا و (22) جريحًا و(14) فقدوا عقولهم:
ويقول الحاج أحمد البِسّ: في أقل من ساعة تم كل شيء ... مَن قُتل قتل ... ومَن جُرح جرح ... ومَن بقي حيًّا بقي حيًّا. وكان حصاد المذبحة (21) قتيلًا، و(22) جريحًا، و(14) فقدوا عقولهم! وخيم على العنبر سكون رهيب وحتى وقت العشاء، حتى أخذت إدارة الليمان ومن معهم من المباحث في إخراج القتلى والجرحى على ضوء الشموع ...
وتزداد الصورة التي تمت بها المذبحة بشاعة، ويزداد الأمر نكالًا عندما كان الجرحى المنقولون إلى المستشفى للإسعاف يقابلون في الطريق فيضربون بالعصي، حتى إن بعضهم انضموا إلى القتلى قبل أن يصل إلى المستشفى. وكان بطل هذه الجريمة المضاعفة عسكري يسمى: «متّى»!!
وأرادت إدارة الليمان والمباحث أن يصوروا المذبحة للنيابة على أنها خناقة بين الإخوان بعضهم وبعض بالسكاكين والمدى؛ لذلك بدأوا في توسيع مكان الطلقة في صدور الشهداء بالمدى، وتوصيل كل طلقتين بعضهما ببعض، ولما لم يكن هذا التفكير مستساغًا أمام وكلاء النيابة قالوا: إن الإخوان هم الذين اعتدوا على الحرس... ولما لم يجدوا حارسًا واحدًا مصابًا غيروا وكلاء النيابة بآخرين، وحفظوا التحقيق.
(21) نعشًا في جنح الظلام!!
وفي اليوم الثاني من الحادث خرج من الليمان (21) نعشًا في جنح الظلام تحت حراسة مشددة، كل شهيد إلى قريته أو بلده ... ليدفن ليلًا بحضور أحد أقاربه ... وبقيت المقابر في حراسة لا يقترب منها أحد. ويضيف الأخ حسن عبد الستار: وفي اليوم الرابع حوالي الساعة التاسعة صباحًا حضر الملازم أول عبد العال سلومة ومعه قوة كبيرة ... فكان يفتح الزنزانة، ويجرد جميع من فيها من ملابسهم الداخلية، ثم يلبس كل واحد منهم بدلة السجن على اللحم وحافي القدمين، ويخرج من الزنزانة ومعه فرش وبطانية، ويسكن في زنزانة أخرى ... وبهذه الطريقة جردنا جميعنا من كل شيء: من ملابسنا الداخلية، ومن أحذيتنا، ومن «التموين» الذي اشتريناه من الكنتين، ومن الأدوية، ومن جميع الأشياء المصرَّح بها حتى الكتب والمصاحف ... بل وحتى النظارة الطبية ...
الترحيل إلى سجن القناطر:
ويكمل الحاج أحمد البس: سلسلوا الإخوان عصر اليوم الرابع في سلاسل، كل عشرين في سلسلة وأجلسوهم على الأرض، وبقينا على هذه الحال حتى العشاء، ثم خرجوا بنا من باب الليمان الذي أضيئت الأنوار أمامه كالشمس تمامًا، كما أحيط الميدان أمام الليمان بالجنود المسلحين ... وأدخل الإخوان السيارات الواقفة وسط الجنود بطريقة مفزعة، وكان يحدث أن بعض الإخوان المسلسلين في سلسلة واحدة قد ركبوا العربة بينما البعض الآخر ما زال واقفًا على الأرض، وكانت عمليات الجذب نتيجة ذلك الوضع تسبب آلامًا رهيبة، وصلت إلى حد كسر العظام ... وكانت تصدر الصرخات من الأفواه ...
أخيرًا ركب الجميع السيارات، وتحرك الركب المظلوم المكلوم وسط موتوسيكلات الحراسة والجنود الذين اصطفوا على جوانب طريق الكورنيش الذي أخلي تمامًا من الأهالي!! ليصلوا بالإخوان إلى سجن القناطر".
كانت أخبار «مذبحة طرة» مزعجة لنا نحن الإخوان بالخارج، وكنا نسمع هذه الأخبار، وقلوبنا تتفطر، وأكبادنا تتقطع، حسرة على إخواننا الذين سفكت دماؤهم بغير حق، ونكل بهم هذا التنكيل الوحشي بغير ذنب. ومما يزيد أسانا وحزننا عليهم: أننا لا نملك أن نصنع لهم شيئًا، ولا مجرد أن نتحدث عما جرى من أهوال، فقد تمت هذه المجزرة البشعة في صمت! دون أن يُعلن عنها، أو يظهر عنها أي خبر في صحيفة أو إذاعة. ويبدو أن العالم كله شارك في هذا «التعتيم» الغريب، فلم نعلم أن صحيفة غربية أو شرقية، أو إذاعة من الإذاعات المعروفة، التي لا تفوتها أخبار القضايا الصغيرة تحدثت عن هذه المأساة بما يليق بها. ولو أن يهوديًّا في بلاد واق الواق أصابه أذى لسمعت له ضجة في أنحاء العالم.