د. يوسف القرضاوي

قال القرآن الكريم في الكثير من آياته إن الأمم لا تقوم أو تسقط اعتباطًا، بل بناء على سنن ثابتة لا تتبدل، وقد نبَّه أولى الألباب إلى أسباب دمار الأمم وهلاكها - برغم ازدهارها المادي والعمراني - فكان من هذه الأسباب:

1- الجحود بآيات الله تعالى وعصيان رسله.

2- اتباع أمر كل جبار عنيد، وإطاعة أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، كفعل عاد وثمود.

3- الفرح بالعلم المادي، والإعراض عما جاء به الوحى، كالذين حكى الله عنهم في آخر سورة غافر.

4- الغرور بالقوة المادية والثروة المالية، والغفلة عن بأس الله عز وجل، كفعل فرعون وقارون.

5- الظلم والبخس والبغي بغير الحق، وخصوصًا على الفقراء والمستضعفين، كفعل مدين قوم شعيب.

6- اقتراف الفواحش، واتباع الشهوات، كفعل قوم لوط.

7- شيوع الفساد في الأرض، واستعلان المنكر، وعدم التناهي عنه كما فعل بنو إسرائيل { كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} (المائدة:79).

8- الكفر بأنعم الله وعدم القيام بشكرها، بل استخدامها في معاصي الله {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} (النحل: 112).

9- الترف والبطر: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (القصص:58)، وكل واحدة من هذه الجرائم حَرِية أن تعجل بعقاب الله وبأسه الذي لا يُرَد عن القوم المجرمين.

فكيف إذا اجتمع عدد منها في أمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات؟

والناظر في الحضارة التي تسود عالمنا اليوم، يجدها قد أخذت بنصيب، يكثر أو يقل، من حضارات الهالكين، وانحرافاتهم العقدية والفكرية والسلوكية، فلا غرو أن يخشى عليها أن ينزل بأهلها ما نزل بهم {وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} (إبراهيم:45-46).

.....

- المصدر: «الإسلام حضارة الغد» لسماحة الشيخ.