فقد تلقينا بقلوب مفعمة بالرضا بقدر الله وفاة أخينا عضو الاتحاد المفكر د. جمال الدين عطية، وكان من العلماء المميزين الذين جمعوا بين العلم الشرعي والفقه القانوني وتبلورت نظرية أسلمة المعرفة بين صفحات مجلته المسلم المعاصر التي ترأس تحريرها وهو صاحب امتيازها..

 

ولد جمال الدين عطية محمد في قرية "كوم النور" إحدى قرى مركز "ميت غمر" التابع لمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية في 22-11-1346هـ الموافق 12-5-1928م، تعلم الدكتور جمال عطية حتى درس القانون في كلية الحقوق بجامعة "فؤاد الأول" (القاهرة حاليا)، وتخرج فيها عام 1367هـ/ 1948م، وحاول أن يتخصص تخصصا شرعيا فحصل على دبلوم الشريعة من كلية الحقوق عام 1369هـ/ 1950م، ثم سافر إلى الكويت بعد تخرجه، ثم إلى سويسرا ليحصل على الدكتوراة من جامعة جنيف عام 1379هـ/ 1960م، ثم عاد إلى الكويت ليعمل بالمحاماة، إلى أن جاء عصر الانفتاح، وبدأ يفكر في مشروعات تحتاج إلى ذلك الانفتاح، فساهم مع آخرين في إنشاء بعض الشركات، وعادوا إلى القاهرة ثم إلى لوكسمبورج، وبدأ نشاطه في مجال البنوك؛ حيث قضى هناك إحدى عشرة سنة.

 

انضم الدكتور جمال الدين عطية لجماعة الإخوان المسلمين مبكرًا ، وله عدة مؤلفات وبحوث مهمة تنبئ عن روح علمية تجديدية، ونظرة شاملة عميقة، وتناول فكري رصين، من أبرزها: تراث الفقه الإسلامي ومنهج الإفادة منه على الصعيدين الإسلامي والعالمي، والتنظير الفقهي، والنظرية العامة للشريعة الإسلامية، ونحو تفعيل مقاصد الشريعة، وعلم أصول الفقه والعلوم الاجتماعية، والاستفادة من مناهج العلوم الشرعية في العلوم الإنسانية، والأولويات الشرعية- نظامها وتطبيقاتها، والعلاقة بين الشريعة والقانون، ونحو فلسفة إسلامية للعلوم، وسنن الله في الآفاق والأنفس.

 

وعمل الدكتور عطية أستاذا زائرًا بالجامعة الليبية سنة 1393هـ/1973م، وزائرًا بكلية الشريعة جامعة قطر في الفترة من 1406–1408هـ/1986-1988، ثم عمل مستقرا فيها  من عام1408-1413/1988-1993 بالإضافة لعضويته في جمعيات ونقابات ومراكز عالمية مثل: الجمعيات العلمية والمهنية، ونقابة المحامين القاهرة، والجمعية الدولية للقانونيين الديمقراطيين بروكسل، ونقابة المحامين الدولية لندن، والجمعية الدولية للمحامين الشبان ببروكسل، ومركز السلام العالمي من خلال القانون بواشنطن، وعضوية مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية الإسلامية بفرانكفورت، وعضوية مجلس إدارة المجلس العالمي للبحوث الإسلامية بفادوتس- لختنشتاين، وعضوية المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

 

وقد فقدت الأمة الإسلامية واحدا من دعاتها المخلصين الأفاضل نسأل الله العلى القدير أن يغفر له ويرحمه رحمة واسعة، ويعفو عنه ويجزيه خير الجزاء، ويكرم نزله ويدخله جنة الفردوس، ويلهم أهله وذويه ومحبيه وزملاءه الصبر والسلوان إنه نعم المولى ونعم المجيب.