وفد اتحاد العلماء عقب انتهاء جولته

الدوحة - أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانا عرض فيه لنتائج الجولة التي قام بها وفده خلال الأيام الماضية في عدد من الدول العربية الإسلامية ولقائه بقادتها لبحث سبل مواجهة حرب الإبادة ضد الأهل في غزة، أوضح فيه الأهداف التي رمى إليها من وراء هذه الجولة، وما أسفرت عنه من نتائج.

وأكد بيان الاتحاد أن مهمة الاتحاد "لم تنته بهذه الجولة، ولا بفاعلياتها التي أنجزتها، بل يكون الاتحاد في حالة استنفار دائم، وسيستمر في جهوده، تواصلا وزيارة مع القادة والشعوب الإسلامية، حتى بعد انكشاف الأزمة بإذن الله تعالى".

وهذا نص البيان:

بيان وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

حول جولته في عدد من الدول العربية والإسلامية

ولقائه بقادتها بخصوص حرب الإبادة وجرائم الحرب ضد أهلنا بغزة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد:

فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين انطلاقا من واجبه الشرعي، واستشعارا منه بخطورة الظرف العصيب الذي تمر به أمتنا، والذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني الأعزل بصفة عامة، وفي غزة بصفة خاصة لعدوان وحشي سافر، قامت به دولة الكيان الصهيوني، الذي لا يرده دين ولا خلق ولا قانون، ولا يقيم وزنا للقيم ولا للحياة الإنسانية ولا للحقوق، وإحساسا منه بمسؤوليته تجاه ذلك.. فقد عقد اجتماعات عدة، وقرر المضي بمبادرات عديدة لدعم صمود الشعب الفلسطيني، في غزة الصابرة المرابطة، ومساندته، ونصرته، وتحريك طاقات الأمة كلها دون استثناء، وعقد المؤتمرات، وجمع التبرعات..

وضمن هذا العمل رأى أن مخاطبة ولاة الأمر واجب، باعتبارهم مسؤولين مسؤولية مباشرة عن الدفاع عن أمنهم، واستجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة... لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم.

لذلك شكل الاتحاد وفدا يتكون من علماء الأمة ورموزها برئاسة سماحة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد وعضوية كل من:

1. المشير عبد الرحمن سوار الذهب.

2. د. عبد الله عمر نصيف.

3. د. نصر فريد واصل.

4. د. محمد نور هدايت.

5. د. خالد المذكور.

6. د. عبد الرحمن آل محمود.

7. د. إسحاق الفرحان.

8. د. عبد الوهاب الديلمي.

9. د. سلمان العودة.

10. د. أحمد الريسوني.

11. د. علي القره داغي.

12. د. عصام البشير.

لزيارة كل من (قطر - السعودية - الأردن - سوريا - مصر – تركيا)، وهي الدول التي لها تأثير مباشر في القضية الفلسطينية، وقد قام الوفد بزيارة هذه الدول عدا مصر التي اعتذرت - وهو أمر يؤسف له - كما التقى قادة المقاومة الفلسطينية في دمشق، وكان وفد العلماء يستصحب الأهداف الآتية:

أولا: وقف العدوان، وانسحاب القوات المعتدية، الذي يتطلب:

حث القادة والزعماء على ممارسة ضغوطهم، وتكثيف حملتهم بكل الوسائل المتاحة، عبر ما يمتلكون من رصيد العلاقات الدولية، والملفات الحية، لإيقاف العدوان الإجرامي على غزة، وضرورة انسحاب القوات المعتدية، الأمر الذي يتطلب عقد قمة عربية عاجلة، وقمة إسلامية أيضا، لمواجهة خطورة الموقف، وتحمل المسؤولية التاريخية، من خلال  موقف موحد فعال، وقرارات عملية تتجاوز حالة الشجب والإدانة.

قطع جميع أشكال العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، الدبلوماسية، والاقتصادية، والأمنية.

سحب المبادرة العربية.

تفعيل مبدأ الدفاع العربي المشترك، المنبثق عن ميثاق جامعة الدول العربية.

الإفادة من المواثيق والقوانين الدولية الخاصة بجرائم الحرب وحقوق الإنسان، ومنع قتل المدنيين وحصارهم.

ثانيا: فك الحصار، والدعم العاجل:

المسارعة بفك الحصار الظالم، وفتح المعابر وبخاصة معبر رفح، الذي يمثل شريان الحياة لأهل غزة، بشكل دائم غير مشروط، التزاما بالواجب الشرعي والأخلاقي، ووفاء بحق الأخوة والجوار، واتساقا مع الشرائع السماوية، ومبادئ القانون الدولي التي تحرم محاصرة المدنيين، وتعتبره جريمة ضد الإنسانية.

دعم صمود المقاومة الباسلة بكل فصائلها، والمحافظة عليها، فهي عنوان شرف الأمة وعزتها.

التحرك السريع لإيصال المساعدات العاجلة من الغذاء والدواء والوقود، وسائر متطلبات الحياة؛ المقدمة من العالم العربي والإسلامي رسميا وشعبيا، لإغاثة الإخوة في غزة، وتسهيل انسيابها.

ثالثا:  رأب الصدع، وإصلاح ذات البين:

حث القادة على تصفية خلافاتهم، وتوحيد صفوفهم، الأمر الذي يهيئ مناخا مواتيا لتوحيد الموقف الفلسطيني، ورأب الصدع على أساس من الالتزام بثوابت القضية الفلسطينية.

ضرورة تلاحم القادة مع طموحات شعوبهم، والتحذير من تداعيات الاحتقان والإحباط لدى الشارع العربي والإسلامي، إذا لم تبادر القيادات لاتخاذ موقف شريف يحافظ على كرامة الأمة.

والوفد يعلن بعد لقائه بهؤلاء القادة، وكذلك مسئولي فصائل المقاومة الفلسطينية، ما يأتي:

أن هؤلاء القادة جميعا قد رحبوا بالوفد، واستمعوا إليه بصدر رحب، وتباحثوا مع الوفد في جو تسوده الصراحة والجدية والوضوح، والوفد يقدر لهم ذلك، ويشكرهم عليه.

وفضلا عن القضايا المشتركة التي ناقشها الوفد مع السادة الملوك والرؤساء الذين قابلهم، والمطالب المشتركة التي دعاهم للعمل على تحقيقها، فقد تطرقنا مع كل واحد منهم بما يتناسب مع خصوصيات الدولة التي يرأسها، وما يمكنها أن تقدمه أو تساعد فيه مما يخدم القضية الفلسطينية، وغزة بصورة خاصة.

تفاوتت درجات استجابة القادة لما طرحه الوفد من مبادرات، فمنهم من أعلن صراحة وقوفه مع المقاومة، ودعم صمودها، وتأييده لعقد قمة عربية بمن حضر، والتأكيد على أولوية وقف العدوان، وفك الحصار، وفتح المعابر. وأكد بعضهم على  وجود مؤامرة تستهدف الشعب الفلسطيني ومستقبله، مركزا على أهمية الدعم الإنساني والاتصالات السياسية في الوقت الراهن.

ومنهم من لا يرى جدوى لقِمَّة لا تتبعها إجراءات عملية، ويرى أن التوحد الفلسطيني مقدمة ضرورية لمعالجة الأزمة.

لاحظ الوفد وجود اختلاف كبير في المواقف السياسية بصورة عامة، وحول قضية غزة بصورة خاصة، ويرى الوفد أن حجم الاختلاف، واستمرار الفرقة، وشعور بعضهم باليأس والعجز والإحباط، أوجد مناخا استثمره الكيان الصهيوني في تنفيذ مخططه الوحشي، لعلمه بضعف الموقف الرسمي العربي، وعدم قدرته على اتخاذ موقف جريء وفاعل، الأمر الذي دفع العدو إلى التجرؤ على هذا العدوان الغاشم.

يؤكد الوفد أن ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية على اختلاف مذاهبها، على وجوب الجهاد بكل أنواعه المتاحة، إذا احتل العدو أرضا إسلامية، واعتدى على شعبها: ينطبق تماما وبطريق الأولى على هذا الاعتداء الآثم على أهل غزة.

يعبر الوفد عن رفضه لتحميل المقاومة الفلسطينية بإنهاء التهدئة مسئولية ما جرى، لأن ذلك من قبيل مساواة الضحية بالجلاد، والمعتدي بالمدافع عن نفسه، فالكيان الصهيوني هو الذي لم يلتزم بشروط التهدئة، بل أخل بها من خلال جرائمه التي سقط فيها عدد كبير من الشهداء والجرحى أثناء فترة التهدئة، وهدمت فيها مبان، وروع فيها آمنون، وقام فيها بحصار ظالم، كما أن نهج الاحتلال يؤكد أنه لا يحتاج لمثل هذه الذرائع، لأنه يريد القضاء دائما على سلاح المقاومة. فلقد كانت المجازر التي أقامها في تاريخه، حتى في ظل وحدة الموقف الفلسطيني خير برهان على ذلك.

يؤكد الوفد أن هدف العدوان هو القضاء على المقاومة، ليكون السبيل ممهدا لفرض تسوية وفق شروط إسرائيل، وفرض إرادتها على الأمة العربية والإسلامية.

يؤكد الوفد أن الموقف الشرعي من استمرار إغلاق معبر رفح، وعدم فتحه بشكل دائم، يمثل منكرا شرعا، وجريمة قانونا، لأنه حكم على الشعب بالموت البطيء.

ينوه الوفد بما لمسه من وحدة صف المقاومة الفلسطينية التي التقى قادتها بدمشق، حيث استمع إليهم، وسره ما عرف من قوة الروح المعنوية العالية التي تتسم بها المقاومة في الداخل، كما لمس الوفد هذه الروح العالية لدى الجرحى الذين زارهم بالمستشفى العسكري بعمان، مقدِّرا الخدمات الطبية الممتازة التي تقدم لهم، سائلين من الله تعالى أن يثبت أقدامهم، وينصرهم على عدوهم، ويتقبل شهداءهم، ويشفي جرحاهم.

وإن وفد العلماء وهو يتابع تداعيات العدوان الصهيوني، وردود الفعل ليسجل بتقدير كبير موقف فنزويلا، التي قامت بطرد السفير الإسرائيلي، الموقف الذي كنا نأمل أن تسبق إليه الدول العربية التي لها علاقة بإسرائيل.

إن مهمة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لم تنته بهذه الجولة، ولا بفاعلياتها التي أنجزتها، بل يكون الاتحاد في حالة استنفار دائم، وسيستمر في جهوده، تواصلا وزيارة مع القادة والشعوب الإسلامية، حتى بعد انكشاف الأزمة بإذن الله تعالى، وعودة الأمن والهدوء لشعبنا في غزة، وذلك بالسعي الحثيث للمساهمة لدفع الأمة حكومات وشعوبا إلى إعادة الأعمار، وتحويل هذه المحنة إلى سبب وسبيل لتدارك التقصير، في حق إخواننا في فلسطين.

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

وآخر دعوانا {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10].

الأستاذ الدكتور / يوسف القرضاوي                 رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين