بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،،

فقد قرأنا مقالة السيد رئيس تحرير الأهرام في عدد السبت 16 صفر 1434هـ الموافق 29 ديسمبر 2012م، والتي عنونها بقوله: "آن للبرادعي والقرضاوي أن يخرسا".. طالب فيها فقيه العصر وإمام الأمة أن "يخرس"، واتهمه بأنه يريد أن يجعل من نفسه أحد الزعامات الواهية التي أكل عليها الدهر وشرب، وأنه يقفز على المشهد، ويعاني الزهايمر والخرَف والهلوسة! وأنه يعمل لحساب عواصم وأجهزة خارجية, تعبث بأمن الوطن ومقدرات المواطن، بما يجعل من مصر رأس حربة للتدخل في شئون دولة أخري تشهد انتفاضة طائفية واضحة, وليست ثورة شعبية بأي حال من الأحوال، وأن الشيخ تشغله الطائفية السنية والشيعية والعلوية, ناهيك عن الفتنة الخليجية, خاصة القطرية منها.

وإننا نأسف - أشد الأسف - لهذا الأسلوب المسف، والذي نعتبره إهانة للشيخ الجليل وإهانة لوزارة الأوقاف، وإهانة لعلماء ودعاة مصر، ومن هنا فإننا نقرر الآتي:

أولا: أننا كنا نتمنى من الكاتب الذي يرأس تحرير صحيفة قومية أن يتعرض لما قاله الشيخ القرضاوي في خطبة الجمعة الماضية في الجامع الأزهر، والتي عنونت لمحتواها جريدة الشروق في صفحتها الأولى عدد اليوم نفسه السبت 16 صفر 1434هـ الموافق 29 ديسمبر 2012م: "القرضاوي يحذر من الانقسام ويدعو للتهدئة من فوق منبر الأزهر": تلك الخطبة التي دعا فيها للوحدة والقوة، وحق المواطنة للجميع، وأبدى فيها خوفه على مصر التي تعيش في وجدانه دوما، وما نسيها قط، وتاريخه يشهد على هذا، كما استنكر في خطبته التكفير وحالة الاستقطاب التي يحياها المجتمع المصري، وأكد أنه ليس في مصر ملحدون وإنما الجميع يؤمن بالله.. فكنا نتمنى أن يبين لنا الكاتب ما في الخطبة من هلوسة وخَرَف وزهايمر!!

ثانيًا: أن ما تمر به سوريا ثورة شعبية حقيقية، وموقف الكاتب رئيس التحرير أو رأيه هذا لم يقل به أحد بل يخالف كل مؤسسات العالم وهيئاته، وهل يتصور أن تكون ثورة في أكثر من 200 بلد في سوريا، وراح ضحيتها ما يقرب من 40 ألف حتى الآن.. هل يتصور أحد بعد هذا أنها طائفية؟! كما لا يمكن أن نفهم بعد ثورة يناير إلا أن تكون مصر رائدة وقائدة، وتحمل هم العالم العربي والإسلامي، وقضية سوريا هي قضية رئيسية بالنسبة لمصر.

ثالثًا: اتهم الكاتب الشيخ الجليل بأنه يعمل لحساب عواصم خارجية تعبث بأمن مصر وتجعل منها رأس حربة للتدخل في شئون دولة أخري تشهد انتفاضة طائفية واضحة, وليست ثورة شعبية بأي حال من الأحوال، وأن الشيخ تشغله الطائفية السنية والشيعية والعلوية, ناهيك عن الفتنة الخليجية, خاصة القطرية منها... هذا الاتهام الشنيع يعرضه للمساءلة القانونية؛ فضلا عما ارتكبه من سب وقذف في حق الشيخ.

رابعًا: إذا كنا في أعقاب ثورة قامت على الكبت والقهر والاستبداد ومصادرة الآراء، ودعت للتحرر والحرية، وقرر دستورها الجديد كفالة حرية الرأي والتعبير.. فهل يجوز للكاتب أن يعبر عن رأيه، ويطالب غيره بأن "يخرس"، أم أن هذا ما تدعوه إليه مهنته التي يجب أن تحترم الآراء والأشخاص؟!.

خامسًا: كان من المتوقع أن يكون الكاتب - وهو خريج الإعلام بجامعة الأزهر – أن يكون على علم بمكانة الشيخ الجليل، ورمزيته في العالم كله، وأنه لا يعبر عن زعامات فارغة، ولا يعاني من "هلوسة" أو "زهايمر"، وهو الذي نشر له المجلس الأعلى للشئون الإسلامية هذا الشهر كتابا مكونا من أكثر من 300 صفحة عن "موقف الإسلام من العلم والعقل"، وأن الشيخ كان يرحَّب به في كل مكان في العالم إلا في مصر قبل الثورة .. فآن للشيخ أن يتكلم لا أن يخرس، وآن له أن يحترم ويقدر لا أن يهان ويسب، وأن يكرم ويسمع له لا أن يتطاول عليه ويتهم باتهامات لا دليل عليها ولا أساس لها.

سادسًا: كان مجلس الشورى يتهم بأنه يعين في الصحف القومية أصحاب الولاء للإسلاميين على حساب أصحاب الكفاءة، وما كتبه الكاتب المحترم دليل على عكس هذا، فالشيخ الجليل يعتبره الإسلاميون شيخا لهم.

سابعا: قرن الكاتب بين البرادعي والشيخ بغير قرينة ولا وجه للمشابهة إلا السن، ولا ندري بأي منطق أو عقل يضعهما في دائرة واحدة؟ إلا إذا كان يريد أن يهاجم أحدهما فآثر أن يَظهر بمظهر المتوازن الذي يهاجم الليبراليين والإسلاميين معا، فكان الشيخ القرضاوي هو الحل المناسب له؛ سبًّا وقذفًا وتطاولا، واتهامات تعرضه للمساءلة والمحاكمة.

إننا نطالب الكاتب المحترم بالاعتذار فورًا؛ فليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه، وأولى بنا أن نمتثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".. وإننا لا نريد أن نجر البلاد والعباد إلى ما لا يجوز أن تجر إليه الآن، فأمامنا تحديات أكبر، ومشكلات أعظم، ويجب أن نقدر المسئولية، ونفقه خطورة المرحلة التي نمر بها.

رابطة تلاميذ القرضاوي