التربية عند الإمام الشاطبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وكفى، وسلام علي عباده الذين اصطفى، وعلى خاتم رسله المجتبى، وعلى آله وصحبه مصابيح الدجى، وعلى كل من سار على نهجه فاهتدى وهدى.
أما بعد...
فهذه الصحائف كانت في أصلها محاضرة أو دراسة قدمتها في المهرجان الذي أقيم للإمام أبي إسحاق الشاطبي (ت790هـ) في مدينة الجزائر سنة 1991م.
وهي تتناول جانبًا من جوانب هذه الشخصية المجددة المستقلة، لم يلق عليه الأضواء كما ينبغي، وهو جانب التربية عنده، فقد عرف الشاطبي الأصولي صاحب «الموافقات» وصاحب «الاعتصام» وكفى بهما برهانًا على أصالته وعبقريته وتجديده.
وعرف الشاطبي الفقيه بكتابيه هذين وببعض ما نشر من فتاواه ومن غيرها.
أما التربية فلم أعرف من كتب عنها من العرب والمسلمين، وإنما اهتم بها الغربيون فيما علمت، وإن لم يتح لي أن أطلع على ما كتبوه لعدم معرفتي بلغات الكتابين الأجانب.
وقد عرفت من بعض الإخوة الذين شاركوا في مؤتمر الشاطبي بالجزائر: أن دراستي عن التربية لدى الشاطبي تناولت جوانب لم يتناولها الذين كتبوا عنه من الأجانب، فهي أوسع وأشمل.
فعسى أن يكون في هذه الصحائف ما ينفع القارئ المسلم، ويمنحه معرفة أوسع وأوثق عن هذه الشخصية العلمية الإسلامية، وعسى أن يكون في ذلك بعض الوفاء لإمام ترك أثرًا واضحًا في الثقافة الإسلامية الأصيلة، وكان له قدره وأثره لدى الدراسين المعاصرين.
رحم الله الشاطبي، وجزاه عن العلم والفكر والتربية والإسلام خير ما يجزي به العلماء العاملين، والمربين الصادقين، وصلى الله وعلى آله وصحبه وسلم.
يوسف القرضاوي
القاهرة
المحرم: 1415هـ
يونيو: 1994م