نفحات ولفحات (ديوان)

تحميل الكتاب

مقدمة

بقلم الأستاذ حسني إبراهيم جرار

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:

 فمنذ قدمت دولة قطر 1383هـ... وأنا سعيد بمعرفة العالم الكبير والداعية المربي الدكتور يوسف القرضاوي.. عملت معه في المعهد الديني يوم كان عميدًا للمعهد... يربي الشباب منذ نعومة أظفارهم على الإسلام.. وجلست معه في درس الإثنين في عدد من مساجد قطر.. يفقِّه الناس بأمور دينهم، ويصحح مفاهيمهم عن الإسلام...

واستمعت إليه في خطب الجمعة.. يلهب العواطف، وينير العقول، ويغرس في نفوس الشباب والرجال والنساء قيم الإسلام وتعاليمه.. ولازمته في شهر رمضان من كل عام.. يصلي بالناس التراويح، فيشعرون بمتعة التلاوة، وخشوع العبادة، وفقه الدرس..

ورأيته محاضرًا في الندوات العلمية والثقافية في قطر وفي غيرها.. يهدي الناس إلى الحق، ويعرفهم مواطن الخير، ويبصِّرهم بالطريق السوي.. تابعته مسافرًا يجوب البلاد الإسلامية وغيرها من الأقطار.. لا يكاد يعود من سفر حتى يشرع في سفر آخر.. يرهق نفسه ويتحمل وعثاء السفر.. يحضر المؤتمرات، ويعقد الندوات، ويقدم لأمته الرأي السديد، والفكر الرشيد..

شاهدت عامة الناس ينزلون على فتواه، ورجال الفكر يجتمعون على رأيه.. قرأت مجموعة من كتبه فوجدت فيها دقة العالم، وإشراقة الأديب، وحرارة الداعية.. استمعت لمقتطفات من شعره.. يحفظها عدد من الإخوة المصريين منذ الخمسينيات.. فسمعت شعرًا كل بيت فيه ينبض بحرارة الإيمان.. واطلعت على مجموعة من قصائده، فوجدت أدبًا حيًّا في مضمون سامٍ ونغم فريد..

كتبت عن أناشيده في كتاب «أناشيد الدعوة الإسلامية» وكتبت عن شعره في كتاب «شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث»، وقدمت له في شعراء الدعوة قصيدتين لا تكاد ترى مثيلًا لهما في الشعر المعاصر..

هذا العالم الجليل عرفه الناس خطيبًا ومحاضرًا.. وعرفوه كاتبًا ومؤلفًا.. وعرفوه داعية ومربيًا، وفقيهًا ومفتيًا.. ولكن قليلًا من الناس عرفه شاعرًا، مع أنه بدأ حياته وعرف بين زملائه وإخوانه بالقرضاوي الشاعر..

لقد نظم القرضاوي شعرًا كثيرًا.. سجل فيه أحداث أمته، وصور أفكارها ومشاعرها أصدق تصوير.. ولو جمع هذا الشعر لكون ديوانًا ضخمًا، ولكن ذهب أكثره في دوامة المحن المتلاحقة التي أصابت دعاة الإسلام، فكان الأقارب والأصدقاء يتخلصون مما عندهم منه خشية أن يصيبهم مكروه من جراء وجوده عندهم، ولهذه الأسباب لم يبق منه إلا القليل، وهذا القليل الباقي هو الذي نعرض على القارئ في هذا الكتاب، أو هذا الديوان.

وبعد أن اشتركت مع أخي وزميلي الأستاذ أحمد الجدع في إخراج سلسلة «شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث».. بدأنا نفكر في جمع أشعار عدد من هؤلاء الدعاة؛ لتحفظ من الضياع، ولتكون زادًا للشباب المسلم في طريق الدعوة إلى الله..

وكان أول شعر بدأت به شعر أستاذنا وأستاذ الجيل المعاصر الدكتور يوسف القرضاوي. إن هذا الشعر الحي لا بد أن يجمع، ولا بد أن يخرج في كتاب؛ لأنه يمثل تاريخ دعوة، ويحكي قصة شعب، ويدافع عن كرامة أمة.. إنه أدب هادف وذخيرة من ذخائر الأدب الإسلامي المعاصر..

يقول شاعر الإسلام الكبير الشهيد محمد محمود الزبيري: «أرى أن واجب الأدب العربي المعاصر يحتم على من يكتشف ذخائر من الأدب الحي الذي يستحق الخلود أن يقدمه إلى التاريخ، وأن يعلنه للناس، وأن يبشر به عشاق الأدب».

وبعد أن اكتشفت هذه الذخائر بدأت في تسجيلها، وأخذت أبحث عن شعر الدكتور القرضاوي عند من يحفظون شيئًا منه، وفي المجلات القديمة كمجلة الدعوة ومجلة المباحث القضائية في القاهرة، والمجلات الحديثة كمجلة الحق التي كان يصدرها المعهد الديني في قطر، ومجلة حضارة الإسلام الدمشقية، وغيرها من المجلات الإسلامية.

وجلست مع الشاعر مرات عدة سجلت فيها ما يحفظ من شعره، وأخذت ما بقي عنده من أوراق مكتوب عليها بعض قصائده.. وتمكنت -بعون الله- من الحصول على مجموعة القصائد والأناشيد التي يحويها هذا الديوان. وسأواصل البحث عما بقي من هذه الذخائر الأدبية لأثبتها في طبعات قادمة -إن شاء الله تعالى.

خطة الكتاب:

قسمت العمل في هذا الكتاب إلى الأقسام الثلاثة التالية:

القسم الأول: حياة الشاعر وشعره..

كتبت فيه عن حياة الشاعر، وعن الشخصيات التي أثرت في حياته، وعن الأحداث التي عاصرها، وأعماله الرسمية التي مارسها، ونشاطه في خدمة الدعوة، ونشاطه في تأليف الكتب، ونشاطه في الشعر، والأغراض الشعرية التي طرقها في شعره، ثم عن تحوله من الشعر إلى الفقه والدعوة.

القسم الثاني: القصائد..

دونت في هذا القسم خمس عشرة قصيدة للشاعر رتبتها حسب تاريخ نظمها، وقمت بكتابة تقديم لكل قصيدة ذكرت فيها موضوع القصيدة، والمناسبة التي قيلت فيها، وتاريخ نظمها، والمكان الذي نظمت فيه.. كما ذكرت أسماء الكتب والمجلات التي نشرتها إن كانت قد نشرت من قبل. وفي النهاية أثبت عدد أبيات القصيدة.

القسم الثالث: الأناشيد..

دونت في هذا القسم ستة أناشيد للشاعر رتبتها أيضًا حسب تاريخ نظمها، وقمت بكتابة تقديم لكل نشيد ذكرت فيه تاريخ نظم النشيد، ومناسبته، والكتب والمجلات التي نشرته.

وبعد، فإني أرجو الله تعالى أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه وابتغاء مرضاته.. إنه سميع مجيب..

والحمد لله أولًا وآخرًا.

حسني أدهم جرار

الدوحة في غرة شوال 1405هـ