د. محمد نوشاد النوري القاسمي*

إن فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي من أعلام هذا القرن، ومجددي الدين المتين، جمع الله فيه من معالم النبوغ وسمات العبقرية ما لا يجتمع عادة في إنسان واحد:

فهو فقيه عبقري نابغ، يأخذ بالأصالة والمعاصرة، والثوابت والنوازل، له منهج فقهي متميز يجعله عالي القامة من بين الفقهاء المعاصرين.

وهو كاتب إسلامي رشيق، لا يتناول موضوعا إلا ويبلغ فيه من الإشباع والإقناع قمتيهما، ويمزج كتاباته من حلاوة الأدب ورقة الأسلوب وندرة الخيال بما يزيدها قوة وروعة، ويجذب القارئ جذبة لا تدعه يترك الكتاب إلا أن أن يشبع منه شبعاً.

وهو أديب عربي بارع، رزقه الله سبحانه ملكة بيانية قوية وقريحة سخية و ذوقا سليما، وبذلك استطاع أن يبتكر أسلوبا كتابياً بارزاً، يتحكم فيه نسج بديع و سبك محكم و سلك منظم.

وهو شاعر موهوب، شاعر الألم والأسي، شاعر الحس والروح، شاعر الواقع والحقيقة، شاعر الوقائع والحوادث، شاعر الأفكار والعواطف، شاعر الحرية والفروسية وهو في كل هذا شاعر إسلامي، يدعو إلي الخير ويهدي إلي الفضائل.

وهو خطيب حافل القريحة، قوي العارضة، حاضر البديهة، جهوري الصوت، مليح النادرة؛ بل هو خطيب الثورة ولسان الأمة، وممثل الأحرار والكرام، يجادل الظلمة و يقارع الطغيان.

وهو مؤلف عبقري، شرّقت كتبه وغرّبت، ودوّى صداها في الأفاق.

وهو رمز الصحوة الإسلامية، يقود عجلتها بإيمانه القوي الثائر، وحكمته الدعوية الكبيرة.

وهو رجل الكفاح والنضال، ورجل المواقف والبطولات، أبي طبعه الحر تحمل الضيم والهوان، والتنازل عن متطلبات الإيمان الذي يعتز به و يعيش فيه وله.

وهو فيلسوف إسلامي، ينظر إلى الأشياء والوقائع بدقة الفيلسوف، فيضع اليد على مواطن النقص ومواضع الخلل، يعمل رأيه ويجهد عقله في الوصول إلى كنه الوقائع والأحداث، ثم يبدي رأيه مصحوباً بأدلة عقلية قاطعة.

وهو بعد هذا كله وقبله داعية إسلامي بارز، يتمتع بجميع مواصفات الداعية المسلم كالورع والتقوى والزهد والشجاعة والصبر، والحكمة والبصيرة والحنكة والخبرة والعلم الأصيل والفكر النبيل، والقلب السليم والعقل الحصيف والاطلاع على أحوال العالم وأخلاق الشعوب؛

بل هو منارة شامخة للدعوة الإسلامية في هذا العصر، يهتدي بها الحياري ويسترشد منها الدعاة المسلمون.

تسري روح الدعوة في جميع أشغاله وأعماله، فهو داعية حينما يفتى، داعية حينما يخطب، داعية حينما ينصح، داعية عند ما يقرض، داعية عند ما يكتب، داعية في حضره وسفره. فهو داعية الفقهاء، وداعية الشعراء، وداعية الخطباء وداعية الأدباء.

..................

*أستاذ بالجامعة الإسلامية (دار العلوم، وقف ديوبند بالهند) وأحد تلاميذ فضيلة الشيخ.