محمود هدهود

يقول لك أحدهم: القرضاوي فقيه عادي. عندما أسمعها أغمض عيني وأحاول أن أعثر على فقهاء غير عاديين في هذا الزمان فلا أجد إلا نادرا، ولا أراه إلا وحيدا فوق كل الاستثنائيين.

هل القرضاوي فقيه عادي؟

ربما يكون حقا أن القرضاوي عادي في استنباط الأحكام، وتوظيف أدوات الفقيه، لكنه لم يكن يوما مع ذلك، فقيها عاديا قط. لقد كان القرضاوي دوما رمزا للإسلام الحي. كان رمزا لمحاولة الفقه لا العمل كمكتبة الكترونية لاستخراج المقولات أو برنامجا حاسوبيا لتطبيق القواعد، كان رمزا لمحاولة تجديد الدرس الفقهي من داخله لا من خلال الكلام حوله.

القرضاوي رمز بغض النظر عن مضامين محاولاته، وعندما يتهجم أحدهم على القرضاوي فإنه يتهجم على هذه الرمزية. رمزية الإسلام الحي الذي لم يغترب مع المسلمين المغتربين في العصور البائدة أو مع المسلمين المستلبين في حضارة عصرهم.

القرضاوي ليس متتبع رخص، ولا من يحبون القرضاوي كذلك، وإنما هو رجل طلب أن تتحول الشريعة من عضين عاطلة في كتب الفقه إلى منظومة تستوعب حياة المسلمين حقا لتثريها لا لتحبطها، ولا لتسرق منها الحياة وتحولها إلى تمثال شمع في متحف التاريخ.

تقبل الله من القرضاوي صوابه وإخلاصه وغفر له زللـه ورد كيد الصديق الأحمق والعدو الخبيث عنه.