الشيخ عبد المعز عبد الستار  

أول ما عرفت الشيخ يوسف القرضاوي وسمعت صوته؛ كان في معتقل الهايكستب سنة 1949م في صلاة الفجر في معتقل رقم (2)، فقد نُقلت إليه وأُنزلت في زنزانة واحدة مع الشيوعيين، وكان ذلك مقصودًا للإدارة قصدًا لتعذيبي وتأديبي، فإنك لن تعذب أحدًا بأشد من أن تحشره مع غير شاكلته، كما قيل ذلك عن هدهد سليمان في تفسير قوله {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا}، والشيوعيون لا يؤمنون بالله ولا بلقائه وحسابه، والحياة عندهم مادة طعام وشراب، وأنانية مقبوحة، وأمر فرط. ولا تزال تطلع على خائنة منهم في السيجارة، واللقمة، والكلمة، وشرب الدخان، ولعب القمار، واللغو، والرفث، والجدل، والصخب.

فكان وجودي بينهم محنة ما كان ينزعني منها إلا أن أسمع الشيخ يوسف في قراءته الندية الطرية تروِّح على القلب المحزون. فكأنني مع إخواني في الصلاة أتعرض معهم لرحمة الله. وقد أدركت سر الحكمة والرحمة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: «اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأ فلما بلغ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} الآية، قال: أمسك، فإذا عينا رسول الله تذرفان. (رواه البخاري)

....

- المصدر: "يوسف القرضاوي.. كلمات في تكريمه وبحوث في فكره وفقهه".