السؤال: قرية يوجد فيها كثير من الشباب يقرؤون القرآن وليس فيها إمام، والشباب لا يتقدمون للإمامة، وفي القرية رجل أكبر منهم سنًّا، ولكنه ليس قارئًا للقرآن، فهل يجوز أن يتقدم ويصلي بهم؟ وهل الإمام مسؤول عن المأمومين؟ وهل يحمل من إثمهم شيئًا؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
الأخ يسأل عمَّن هو الأولى بالإمامة في الصلاة، الأولى بالإمامة في الصلاة الإنسان المعيَّن للإمامة، فإذا كان هناك إنسان عيَّنه أولو الأمر ليكون إمامًا فهو الأولى، وهو الذي يصلي بالناس إمامًا، وهو المسؤول عن الصلاة، ولكن بعض المساجد لا يكون فيها إمام معيَّن، وإنما يترك الأمر ليقدِّم الناس من يختارون.
فما المقاييس لاختيار أولى الناس بالإمامة؟ الفقهاء وضعوا عدة مقاييس، وهي مأخوذة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء؛ فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء؛ فليؤمهم أكبرهم سنًّا، ولا يؤمَّنَّ الرجل في أهله، ولا في سلطانه، ولا تجلس على تكرمته في بيته إلا أن يأذن لك"، أو: "بإذنه"(1).
وقد اختلف الفقهاء في معنى "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله". بعضهم قال: الأقرأ الأحسن تلاوة وتجويدًا للقراءة. وبعضهم فسَّر الأقرأ بالأعلم؛ لأن القراءة كانت ملازمة للعلم؛ ولذلك كانوا يسمُّون العلماء القراء؛ لأن الذي كان يقرأ القرآن يتعلمه ويتفقهه، فكان الفقه والقراءة متلازمين؛ ولهذا قالوا: إن أولى الناس بالإمامة هو أعلمهم وأفقههم وأعرفهم بأحكام الصلاة صحة وفسادًا، حتى لو حصل شيء في الصلاة يعرف إن كان هذا يبطل الصلاة أم لا. وهو ما نراه.
ثم يأتي بعد ذلك الذي يقرأ ولو من غير علم, يعني أحسنهم تلاوة للقرآن، ثم يأتي بعد ذلك أورعهم وأتقاهم لله عز وجل، وأبعدهم عن المعاصي والشبهات، فإذا كانوا يعرفون واحدًا منهم معروفًا بالتقوى أكثر من غيره يقدم للإمامة.
ثم الأسن، أي أكبرهم سنًّا.. وهكذا، فعلى هؤلاء الإخوة أن يقدموا أفقههم، وإلا فيقدم الأحسن تلاوة، ثم الأتقى، ثم الأسن، وهكذا، هذه المقاييس يستطيعون أن يعرفوا بها من يقدم ومن يؤخر.
.....
(1) رواه مسلم في المساجد (673)، وأحمد (17063)، عن أبي مسعود الأنصاري.