د. صلاح عبد المقصود*
كنا في بداية التزامنا بالإسلام خلال دراستنا الجامعية في السبعينيات نلحظ جنوح بعض العلماء إلى استثمار حماستنا الدينية بتلقيننا الآراء المتشددة، وتقديمها لنا على أنها الدين، وما غيرها ما هو إلا تفريط في الدين، إن لم يكن انحرافًا عن منهجه.
وكانت مثل هذه الآراء تُطبع في الكتب بعشرات الألوف من النسخ، وبتمويل من بعض الجهات الخليجية، وتُوزَّع علينا مجانًا في الجامعة، لكن شيخنا (القرضاوي) وأمثاله من علماء الوسطية كانوا بمثابة حائط الصد الذي حفظنا من الانجراف مع هذه الموجة الفكرية العاتية.
وكان منهجه حفظه الله هو التيسير والتبشير حيث يقول: (ومما أحمد الله تعالى عليه: أني تبنَّيت منهج التيسير في الفتوى، والتبشير في الدعوة، اتباعًا للمنهج النبوي الكريم، فقد بعث صلى الله عليه وسلم، أبا موسى ومعاذًا إلى اليمن وأوصاهما بقوله: «يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا»).
ويقول شيخنا في سياق آخر: إن التيسير الذي نتبناه؛ إنما هو تيسير في الفروع، التي هي مجال رحب للاجتهاد والاختلاف، ولكن الأصول التي هي أساس الدين ومحوره، والتي يُقام عليها بنيانه، وتشاد عليها أركانه؛ لا ينبغي التساهل فيها، فهي التي تحمي الأمة من الانفراط والذوبان.
........
* وزير الإعلام المصري الأسبق في حكومة الثورة
- المصدر: «العلامة يوسف القرضاوي.. ريادة علمية وفكرية وعطاء دعوي وإصلاحي».