السؤال: هل العذاب للجسد أم للروح أم لهما معا؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
لن أدخل في تفاصيل هذه القضية، المفروض أننا في أمور الغيبيات لا ندخل في تفاصيلها، ولا نحاول أن نعرف كنهها؛ لأننا أعجز من أن نعرف ذلك، وليس عندنا من الوسائل ما نملك به هذه المعرفة لحقائق الأشياء وكنهها، ونحن نؤمن بكل الغيوب التي أمرنا أن نؤمن بها، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة:3] نؤمن بالغيوب، وندع كنهها إلى الله تبارك وتعالى العليم الخبير، الذي أرشدنا إلى المنهج الأمثل في التعامل مع مثل هذه الغيبيات فقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85].
هل التعذيب للبدن والروح معا أم للروح فقط؟ الله أعلم, والظاهر أنه للروح والبدن. قد يقول قائل: كيف ونحن لو فتحنا القبر نجد البدن كما هو؟ أقول: الله أعلم كيف يحصل الألم للبدن، على كل حال الإنسان في قبره إما يعذب وإما ينعم، والقبرإما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، بعض الناس ينعمون مثل الشهداء، {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران: 169-170]. وبعضهم يعذبون.
وأقول: حقيقة الإنسان الروح، والجسم مجرد غلاف، ولذلك جسم الإنسان يتغير، ينمو ويمرض، وتتجدد خلاياه وتتغير, تموت خلايا وتنشأ غيرها، قد يقطع عضو منه أو يستبدل به عضو آخر وتظل حقيقة الإنسان هي هي، فالعبرة بالنفس الإنسانية, بالروح، بالعقل, بهذا الشيء الذي هو جوهر الإنسان، فهو الذي في الحقيقة يقع عليه الثواب والعقاب، وهناك صلة ما بالجسم لا نعرف كنهها، ولكن الروح هي الأساس.