قام السفير الروسي لدى دولة قطر، أمس بزيارة سماحة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؛ وقد تناول اللقاء الأوضاع العربية والإقليمية، وخاصة ما يتعلق بالشأن السوري، حيث انتقد فضيلته موقف روسيا بشدة.
واعترض الشيخ على مساندة دولة كبيرة مثل روسيا لنظام واهٍ فاسد قد وجه سلاحه صوب شعبه، في حين أنه لم يشهره قط في وجه الكيان الصهيوني المحتل لأرضه.
ثم سأل فضيلته أي الفريقين أولى بالمساندة والتأييد؟
هذا الشعب السوري الذي يتعرض لأبشع أساليب القمع والقهر، وهو الذي لا يملك إلا الخروج إلى الساحات والميادين ليعبر عن إرادته بطريقة سلمية شرعية، أم هذا النظام الذي لا حوار لديه إلا بالمدرعات والدبابات، وما لديه من سلاح وأفراد للأمن والجيش والبلطجية (الشبيحة).
- أيهما أولى بالمساندة والتأييد؟
هذا الشعب الذي يتعرض للقتل والإبادة الجماعية، والتنكيل والتمثيل بالجثث، أم هذا النظام الأبله الذي لا يريد أن يفهم إرادة شعبه، ويقابل كل هذا بالقتل والإبادة والتنكيل والتمثيل، وغاية ما يفعله من إصلاح هي مجموعة تصريحات جوفاء لا تسمن من شبع ولا تغني من جوع.
- أيهما أولى بالمساندة والتأييد؟
هذا الشعب الذي ما يمر يوم منذ سبعة أشهر إلا ويفقد فيه طفلُ أباه، أو زوجة تبكي زوجها، أو أمّ تُـفجع في أولادها، أم هذا النظام الغاشم المفلس من كل وسائل الحكمة والتدبير، الذي عجز عن تدبير أمره وفهم إرادة شعبه. إن نظاما بهذا المستوى من ضيق الأفق والإفلاس السياسي لجدير بالزوال، والذهاب إلى مزبلة التاريخ، حيث يذهب كل فكر مريض ونظام عليل سقيم.
وعلى رغم اختلاف الآراء بين فضيلة الدكتور وسعادة السفير، فقد حاول الأخير أن يثني الشيخ عن رأيه معللا ذلك ببعض الأسباب، لكن الشيخ ـ حفظه الله ـ ظل متمسكا بموقفه من ضرورة الوقوف بجانب الشعوب المظلومة، لا بجانب الأنظمة المستبدة، مؤكدا أن عهد الأسر الجمهورية قد انتهى، كما انتهت أسرة زين العابدين في تونس، وكما انتهت أسرة مبارك في مصر، وأسرة القذافي في ليبيا، وإن شاء الله ستنتهي أسرة الأسد في سوريا، وأسرة صالح باليمن، كما سينتهي كل نظام فاسد حكم شعبه فأذله، وسلبه حقه في تحديد مصيره، لقد آن الأوان للشعوب العربية أن تسترد حريتها، وتحظى بتحديد مصيرها.
ولفت إلى قوله تعالى في شأن من هو أشد من هؤلاء الحكام طغيانا، وأضعف من هذه الشعوب قوة: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* و نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}
وختم فضيلته حواره مع السفير الروسي بضرورة إبلاغ السلطات الروسية بأن تغيِّر موقفها تجاه النظام السوري المستبد، مؤكدا على وجوب الانحياز إلى الشعوب وحقوقها، لا إلى الحكام وأطماعهم.