أكد الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أنه لا توجد فتوى للشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر الأسبق، تبيح التعبد على المذهب الجعفري، كما رأى أنه من الأولى عدم ارتداء المرأة للنقاب في هذا العصر، ورد على من يطعن في عقيدة الأزهر بأنه بذلك يطعن في العقيدة الأشعرية التي هي عقيدة غالبية الأمة الإسلامية.

جاء ذلك خلال لقاء بين الشيخ وشباب حاضرين في دورة "علماء المستقبل"، التي ينظمها اتحاد العلماء في القاهرة، الثلاثاء 7 إبريل.

وعقب إلقائه محاضرة عن "الفتاوى الشاذة" في الفقه الإسلامي، سأله أحد الصحفيين الحاضرين حول "إذا ما كان فضيلة الشيخ محمود شلتوت - رحمه الله - قد أصدر فتواه بجواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة والمعروفة والمتبعة، ومنها مذهب الشيعة الإمامية الجعفري"، فبادره الشيخ بالإجابة: "أنا أقول لك: هات لي الفتوى دي (هذه) في أي كتاب ومن كتبه.. أنا لم أر هذه الفتوى.. أي واحد منكم فليقول إني (أي السائل) شفتها في كتاب كذا أو مجلة كذا".

وأضاف: "أنا عايشت الشيخ شلتوت عدة سنوات، وكنت من أقرب الناس إليه، ما رأيته قال هذا.. أين كتبها؟ وفي أي كتاب من كتبه؟ أنا أخرجت كتب الشيخ شلتوت الأربعة الأساسية.. كتاب الإسلام عقيدة وشريعة، وكتاب فتاوى الشيخ شلتوت، والأجزاء العشرة الأولى في كتاب التفسير، وكتاب من توجيهات الإسلام، وكانت هذه ضائعة في الصحف والمجلات والإذاعة، فجمعت هذه الأشياء أنا وزميلي الأخ أحمد العسال".

والشيخ العسال من المفكرين البارزين في العالم الإسلامي، وهو مستشار رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام أباد.

ونوه القرضاوي إلى أن "الطبعة الأولى (من كتب الشيخ شلتوت التي صدرت بناء على تكليف من د. محمد البهي أحد علماء الأزهر) والتي أخرجها الأزهر تقول (في مقدمتها): نشكر الشابين الأزهريين يوسف القرضاوي وأحمد العسال" على جهدهما في إعداد هذه الكتب.

واستطرد قائلا: "تراث الشيخ شلتوت أنا أعلم الناس به.. ما رأيت هذه (الفتوى).. أين هذه الفتوى؟"

من جانبه، وردا على استفسار لـ"إسلام أون لاين.نت"، أكد الشيخ العسال ما ذهب إليه الشيخ القرضاوي، قائلا: "هذا كلام صحيح (حديث القرضاوي)، والله على ذلك شهيد"، وأضاف: "عندهم (أصحاب المذهب الجعفري) مبدأ عصمة الأئمة، وهذا لا يجوز شرعا؛ لأن الله تبارك وتعالى هو وحده المعصوم".

النقاب والعصر

وفي مسألة أخرى قال الشيخ القرضاوي ردا على سؤال حول وجوب ارتداء النقاب من عدمه: "النقاب أمر أوجبه بعض العلماء وأجازه بعض العلماء.. وأنا لا أرى أنه واجب.. وإنما من أرادت أن تنتقب فلها حريتها في هذا.. وإن كنت أنا في عصرنا هذا أرى أن الأولى بالمسلمة ألا تنتقب حتى تستطيع أن تختلط بالمتكشفات وأن تقترب منهن".

وأرجع الشيخ ذلك إلى أن "المحجبة قريبة قليلا (من المتكشفة)"، متسائلا: "أما المنتقبة فكيف تستطيع أن تدعو المتكشفة وبينها وبينها مراحل ومراحل؟"

وأضاف: "لي رسالة اسمها النقاب بين القول بفرضيته والقول ببدعيته.. هناك أناس يقولون إن النقاب بدعة، وأناس يقولون إن النقاب فرض، وأنا لا أوافق هؤلاء ولا هؤلاء".

وأوضح: "النقاب ليس بدعة.. (هناك) قول في مذهب الحنابلة وقول في بعض المذاهب، وإن كان جمهور الفقهاء يرون أن وجه المرأة ليس بعورة، حتى الإمام ابن قدامة شيخ الحنابلة يقول في (كتاب) المغني: والمذهب أن الوجه ليس بعورة".

عقيدة الأزهر

وردا على سؤال آخر من أحد الحضور جاء فيه: "بعض الناس يطعن في عقيدة الأزهر الشريف، فما رد فضيلتكم على هذا الكلام؟"، قال الشيخ القرضاوي بنبرة استفهام ساخرة: "عقيدة الأزهر الشريف؟!"

ورأى أن من يقول ذلك "فهو يطعن في الأشعرية"، وتابع: "ليس الأزهر وحده أشعريا.. الأمة الإسلامية أشعرية.. الأزهر أشعري والزيتونة أشعري والديوباندي (بالهند) أشعري وندوة العلماء أشعرية ومدارس باكستان أشعرية.. وكل العالم الإسلامي أشعرية".

وأشار إلى أنه حتى الأشعرية موجودة بالسعودية التي تعد مركز السلفية الوهابية، وقال: "السلفيون مجموعة صغيرة، حتى إذا قلنا السعودية فليس كل السعودية سلفيين، فالحجازيون غير النجديين غير المنطقة الشرقية غير منطقة جيزان وهكذا".

وأضاف: "فإذا أخذنا بالأغلبية، فإن أغلبية الأمة أشعرية.. هذه كلها اجتهادات في فروع العقيدة، والكل متفق على شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله وعلى النبوة في الإيمان بالله وكتبه ورسله وفي اليوم الآخر".

وشدد على أن "هذه الاختلافات لا ينبغي أن نكفر بها أحدا".

"أنا حنفشعي"

وقال الشيخ القرضاوي مازحا مع طلاب العلم الذين ينتظمون في الدورة التدريبية: "أنا سلفي على صوفي على أشعري"، وروى أن "أحدهم كان يقول لي: ما مذهبك؟ فقلت له أنا دخلت الأزهر حنفيا، إنما إلى الآن أنا حنفشعي (حنفي شافعي)"، فضحك كل من في القاعة بمزاح الشيخ الذي أكمل حديثه مبينا سبب دخوله الأزهر معتنقا المذهب الحنفي.

وقال: "عندما كنت أقدم للالتحاق بالأزهر كان يكتب لي الانتساب عالم من علماء بلدنا صفط تراب - غربية (دلتا النيل) اسمه الشيخ عبد المطلب البتي رحمه الله.. وبينما كان يكتب الانتساب جاءت خانة اسمها المذهب، فكنت سأقول له اكتب شافعيا، لكنه سبقني وقال لي: ما رأيك يا شيخ يوسف أن تكون حنفيا مثلي؟ فقلت له خلاص خليني حنفي زيك (مثلك)"، وتابع ضاحكا: "طلعت حنفي بالصدفة".

وتابع العلامة بأنه درس كل المذاهب في الأزهر: "درست المذهب الحنفي وبعد ذلك درست المذاهب كلها.. ودرست الأشعرية في المعاهد الدينية وفي كلية أصول الدين.. ولكنني توسعت فدرست السلفيين.. درست الغزالي ودرست ابن تيمية".

وأضاف: "تعلمت أول ما تعلمت على الغزالي وبعده تعلمت ابن تيمية.. أعجبت بابن تيمية، ولكني لم أطرد الغزالي تماما.. أرجع إلى هؤلاء وإلى هؤلاء.. والمسلم ينتقي من كل شيء أفضل ما فيه، ولا يكفر إنسانا إلا بقطعي من القطعيات".

استمع إلى المحاضرة:

الجزء الأول -                الجزء الثاني

____________

المصدر: إسلام أون لاين.نت/أحمد عطا.