غلاف كتاب البابا والإسلام |
"معركة فرضت علينا".. هكذا يصف فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في كتابه الجديد "البابا والإسلام" طبيعة المعركة التي نشبت عقب المحاضرة التي ألقاها بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر في ألمانيا، والتي أساء فيها إلى الإسلام؛ إذ إن تصريحات بنكديت جاءت خارج أي سياق يبرر كل هذه الافتراءات التي ساقها بحق الإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
ويبدي العلامة القرضاوي في مقدمة الكتاب تعجبه من ذلك قائلا: "إن هجوم البابا على الإسلام لم يكن له مُبرِّر يقتضيه إطلاقا، إذ لم يصدُر من المسلمين شيء يُوجب توجيه هذه الهجمة إلى الإسلام. بل الواقع أن المسلمين في كل مكان، جاملوا البابا منذ تنصيبه على كرسي البابوية، وكنت ممَّن هنَّأ البابا على منصبه، وتلقيتُ بسبب ذلك نقدا شديدا، بل هجوما صارخا من بعض المسلمين".
ويشدد القرضاوي على أن كلام البابا "لم يكن حديثا إلى الجمهور، ولا حديثا ورَّطه فيه صحفي مُشاغب، ولا حديثا عابرًا مع زوَّار له، بل كان محاضرة مُعدَّة مدروسة، تُلقى على أكاديميين مُعتبرين، في جامعة مُحترمة، من أستاذ (بروفيسور) مُتخصص في مادته، مُمارس لها سنين عدَّة، فهو يعي ما يقول، ويعني ما يقول".
ويضيف مستهجنا قول البابا إن المسلمين لم يفهموا كلامه: "كل الذين سمعوا كلام البابا من المسلمين أو من غير المسلمين استنكروه واستشنعوه، لما فيه من تهجُّم مقبوح على الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام. وليس معقولا أن كلَّ هؤلاء من أهل الشرق وأهل الغرب، ومن المسلمين وغير المسلمين، لم يُحسنوا فهم ما عناه البابا بكلامه. ولا سيما كلام رجل كالبابا له منزلته الدينية والعالمية، وخصوصا بين أتباعه من الكاثوليك، الذين يُضفُون عليه القداسة!".
ويحاول القرضاوي تقديم تفسير لإقدام البابا على إطلاق مثل هذه القذائف ضد الإسلام والمسلمين، معتبرا أنه لا تفسير لذلك "إلا أن يكون البابا قد أراد أن يُهدي إلى الرئيس الأمريكي بوش -ومعه اليمين المسيحي المُتصهين- هدية تشدُّ أزره في مُحاربة الإسلام تحت عنوان (مُحاربة الإرهاب)".
وتابع قائلا: "فأراد البابا أن يمنحه غطاء دينيا -وإن كان كاثوليكيا- يسنده ويُبرِّر تصرفاته في العراق وغيرها، ما دام يُحارب الإسلام الذي يحمل بذور العنف في تعاليمه، والذي لم يجئ نبيه إلا بالأشياء الشريرة، واللاإنسانية، ومنها نشر دينه بالسيف".
ورد القرضاوي على زعم البابا بأنه مجرد ناقل لكلام الإمبراطور البيزنطي، مشددا على أن البابا "نقل هذا الكلام مُستشهدا به، ولهذا لم يردَّ عليه، من هنا كان علينا نحن أن نردَّ على الكلمات المثيرة التي أساءت إلى عقيدة الإسلام، وإلى شريعة الإسلام، وإلى نبي الإسلام، وإلى كتاب الإسلام، وإلى حضارة الإسلام، وإلى أمة الإسلام".
ويشدد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أن الكتاب يشكل "ردًّا علميا موضوعيا (على كلام البابا) موثَّقا بالأدلَّة القاطعة من نصوص الإسلام ومن تاريخ أمته، ومن كتاب القوم المقدس أيضا، ليهلِك مَن هلك عن بيِّنة، ويحيا من حيِّ عن بيِّنة".
هذا الرد الموضوعي جعل القرضاوي يثبت للبابا بعض المواقف الإيجابية سواء ما جاء منها في محاضرة ألمانيا أو ما هو معروف للرجل من موقف عامة، لافتا إلى أنه نقل عن البابا تأكيده "على ضرورة تعميق أُطر الحوار بين العالمين المسيحي والإسلامي، معتبرا أن العالم الغربي، فقد الاعتقاد بالله في خضم النفعية العملية". كما أشاد القرضاوي بدعوة البابا للرئيس الألماني بضرورة "تحقيق اندماج أفضل للمسلمين المقيمين داخلها، محذِّرا من الإفراط في التعقيدات تجاه أبناء الأقلية المسلمة".
وقدر القرضاوي للبابا كذلك "موقفه المحافظ من التيارات الإباحية المنتشرة في الغرب اليوم، والتي باركتها -للأسف- بعض الكنائس، مثل: الزواج المثلي، وإباحة الإجهاض بإطلاق".