اختتم المؤتمر القومي الإسلامي السادس جلساته بالعاصمة القطرية الدوحة بالتشديد على أن الديمقراطية هي الطريق الأمثل لتحصين الأمة وتأمين استقرارها ومنع تفتيتها وتقوية جبهاتها الداخلية ، كما دعا "لمواجهة خطر التقسيم والتفتيت الداخلي في الأقطار العربية على أسس عرقية وطائفية ومذهبية وذلك بالتغيير الديمقراطي الذي يخلق المناخ العادل لوأد تفجر النزاعات المحتملة ".

وعلى الرغم من عدم صدور بيان ختامي عن المؤتمر الذي أنهى أعماله ليل الجمعة 22-12-2006 فإنه استعرض مسودة لمشروع بيان ختامي، ستجري مناقشتها تمهيداً لإصدار البيان بصورته النهائية خلال أسبوع بحسب ما ذكر مدير المؤتمر "أسامة محيو".

وتضمن مشروع البيان الختامي -والذي حصل موقع القرضاوي على صورة منه- على عدة توصيات تمثل أبرزها في تأكيده على أن "النهج الديمقراطي هو السبيل الموضوعي لتحصين الأوطان، وتأمين استقرارها وتقوية جبهاتها الداخلية".

إدانة تجاوزات الأنظمة

وأدان المؤتمر "التجاوزات للدساتير والقوانين التي ترتكبها السلطات في النظم العربية والتي تؤدي إلى هدر حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير"، موجها الدعوة لإغلاق ملف الاعتقالات السياسية والإفراج عن جميع المعتقلين أو المحكومين صوريا.

كما تعرض مشروع البيان لخصوصية العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي منوهاً لأهمية أن يكون كل تيار من التيارين على يقين بأن التيار الآخر ليس فقط حليفا لكنه داعم ومكمل له وأن أي خطوة نضالية تدعم مسار أحدهما هي دعم لمسار الآخر لأنهما على مسار واحد وفي قاطرة واحدة.

كما قدم المؤتمر جملة من التوصيات بشأن القضايا الهامة التي تتعرض لها الأمة، ففيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد المؤتمر أن قضية فلسطين هي قضية الأمة المركزية، بالنسبة إلى الأمة العربية بمسلميها ومسيحييها، مشددا على حق الشعب الفلسطيني المشروع في مقاومة الاحتلال وتحرير ترابه الوطني.

ودعا المؤتمر جميع القوى الفلسطينية إلى تفادي الصدام، ورفع السلاح في وجه العدو فقط ولا يستخدم للاقتتال بين أبناء الشعب الواحد. كما طالب بتضافر الجهود لوقف الإجراءات الصهيونية العنصرية ضد القدس ومواطنيها، معتبرا أن حق العودة حق شخصيا لكل مهجّر فلسطيني.

وألمح المؤتمر إلى أن "حصار التجويع المفروض على مواطني الضفة والقطاع شكل من أشكال جريمة التطهير العرقي"، داعيا الدول العربية لتنفيذ قرار مجلس وزراء خارجيتها القاضي بكسر الحصار.

رفض تحوير الصراع

ورفض المؤتمر "أي محاولة أمريكية هدفها أن يتوارى الصراع العربي الصهيوني ليحل محله صراع عربي إيراني تكون أدواته الانقسامات المذهبية (شيعية وسنية)".

وأصر المؤتمر على أن إسرائيل هي العدو الأساسي للأمة العربية والإسلامية، داعيا لتشكيل هيئة قومية إسلامية تنبثق عن هذا المؤتمر لفتح حوار إستراتيجي على أعلى المستويات في الدول العربية ومع الجمهورية الإسلامية الإيرانية "لوضع تصور مشترك لهزيمة المشروع الأمريكي في العراق".

وبالنسبة للوضع في لبنان ذكر مشروع البيان الختامي للمؤتمر أن ما يتعرض له لبنان من محاولات ضرب الوحدة الوطنية وتشويه صورة المقاومة بجعلها طائفية أو مذهبية لا ينفصل عما تتعرض له فلسطين والعراق والذي تقف خلفه "المخططات الأمريكية الصهيونية".

ودعا المؤتمر جميع اللبنانيين بكل أطيافهم إلى التزام وحدة لبنان وعروبته وحماية مقاومته مع التمسك بأحكام الدستور، مطالبا بإنشاء علاقات طيبة بين لبنان وسوريا مبنية على احترام سيادة كل من البلدين الشقيقين.

رفض الحكومة العراقية

وبخصوص القضية العراقية أعلن المؤتمر رفضه للاحتلال وكل ما نتج عنه من عملية سياسية وقوانين وأنظمة وقرارات ودستور ومحاكم غير شرعية فضلا عن محاولات التقسيم القسري للعراق.

وبالنسبة لموقفه من النظام القائم حاليا في العراق، اعتبر المؤتمر أن الحكومة العراقية الحالية المشكلة في ظل الاحتلال ووفق إرادته حكومة "غير شرعية"، مناشدا الدول العربية والأجنبية فضلا عن المنظمات الدولية بسحب اعترافها بها.

وفيما يتعلق بقضايا الساحة المغاربية ذكر المشروع الختامي للمؤتمر أن القضية الرئيسية في الساحة المغاربية هي قضية الضغوط التي تمارس على الهوية العربية الإسلامية للمغرب العربي التي واجهت، على امتداد قرون، الاستعمار الغربي وانتصرت عليه.

وحذر المؤتمر من "الفرنكوفونية لكونها مؤسسة فرنسية ذات خطة إستراتيجية رامية إلى الهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية باسم الانفتاح والمعاصرة"، كما دعا في الوقت نفسه، ملمحا لخطورة استخدام الأمازيغية ذريعة لمن يبغي تنفيذ مشاريع تجزئة وتفتيت للساحة المغاربية.وطالب المؤتمر بضرورة استكمال المغرب لتحرير سبتة ومليلة والجزر المحتلة.

وحول القضية السودانية نبه المؤتمر الرأي العام العربي والإسلامي إلى المخاطر المحدقة بالسودان جراء المشاريع التقسيمية المرسومة له، داعيا مؤسسات الإعلام العربية إلى إبراز حقيقة الأوضاع في دارفور والتصدي للتشويه الذي تقوم به وسائل الإعلام الغربي.

وسام مسيحي للقرضاوي

وفي الجلسة الختامية للمؤتمر ، تحدث الأب عطا الله حنا مطران الكنيسة الأرثوذكسية بالقدس المحتلة، ، مشيداً بالدكتور يوسف القرضاوي ومواقفه المعتدلة . وأعلن الأب عطا الله عن منح وسام القبر المقدس وسام كنيسة القيامة للعلامة القرضاوي ، مؤكدا أن كنيسة القيامة المشرقية ستظل كنيسة عربية وشرقية.

وأكد أن من يسيء للإسلام لا يحق له أن يتكلم باسم المسيحية، مشدداً علي أن من يدافع عن الإسلام إنما يدافع عن هذه الأمة.. لافتا إلي أن المسيحيين العرب جزء من هذه الأمة.

وبدوره ، توجه الدكتور القرضاوي بالشكر للأب عطا الله ، مؤكدا العلاقة الخاصة بين المسلمين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وشدد على العلاقة الوطيدة التي تربط المسيحيين العرب بالأمة الإسلامية.

شفيق منسقا عاما

وخلال فعاليات اليوم الثاني والأخير للمؤتمر جري انتخاب منير شفيق منسقا عاما خلفا للدكتور عصام العريان الذي قدم استقالته لظروف اعتقاله ومنعه من السفر للخارج.

وتدخل فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الدوحة ورئيس لجنة أمناء القدس المنبثقة عن المؤتمر ، لحسم الجدل الذي أثير حول اختيار المنسق العام للمؤتمر ، لافتا إلى أن د. عصام العريان المنسق العام للمؤتمر يتعرض للمنع من السفر ما يحول دون مشاركته بصورة فعلية في إدارة المؤتمر.

وحيا الشيخ القرضاوي الذين صوتوا لبقاء العريان منسقاً عاماً للمؤتمر، كي لا تستسهل السلطات التنفيذية في تلك البلدان ممارسة قمعها ضد أعضاء المؤتمر، لكنه استشهد بما قاله الإسلامي راشد الغنوشي الذي طالب بضرورة قبول استقالة العريان الذي يعجز عن القيام عمليا بمهامه كمنسق عام للقومي الإسلامي.

وكان المؤتمر عقد جلسات دورته السادسة بالدوحة يومي الخميس والجمعة 21و22 من ديسمبر بمشاركة 70 شخصية من قيادات التيارين القومي والإسلامي.


ولا يمثل المؤتمر أي سلطة ولا أي معارضة في البلدان المشاركة فيه، وإنما هو مظلة يلتقي تحتها التياران الإسلامي والقومي بجميع قواهما في السلطة كانوا أو في المعارضة.

ويعقد المؤتمر القومي الإسلامي كل عامين، فيما تنعقد لجنة متابعة أعمال المؤتمر كل سنة، وهي مكونة من 37 شخصا يمثلون عدة دول عربية. واستضافت قطر الدورة السادسة للمؤتمر بعدما كان يعقد على مدى دوراته الخمس في بيروت.