أجرت صحيفة الراية القطرية حواراً صحفياً مع القرضاوي حول الوضع الراهن وسبل التصدي للافتراءات الغربية ضد العرب والمسلمين.

وفيما يلي نص الحوار:

 

 

فرص للسلام بين العرب وإسرائيل

طفل فلسطيني بين أنقاض منزله الذي هدمته الجرافات الإسرائيلية

س: في رأي فضيلتكم هل ما زالت هناك فرص للسلام بين العرب وإسرائيل؟

القرضاوي: لا يوجد سلام فالسلام لا يعني اغتصاب الحقوق وتشريد المواطنين فكيف يكون هناك سلام في ظل اغتصاب الأرض وعدم الانصياع لقرارات الشرعية الدولية والإمعان في قتل الأبرياء فقسوة القلوب عند بني إسرائيل كانت عقوبة إلهية لهم على عصيانهم ونقضهم مواثيقهم وعهودهم مع الله تعالى، فالسلام والإسلام وجهان لعملة واحدة والإسلام أمر بالرحمة حتى في حالة الحرب التي كثيراً ما تحكمها عواطف الغضب تجاه العدو وتبرر عوامل الغلظة تجاهه فلا يوجد سلام مع من يمتلكون أسلحة الدمار الشامل ويهددون مصير المنطقة حال استخدامها فقد أضاعت إسرائيل كل فرص السلام بتعنتها وخرقها للشرعية الدولية.

من هنا يجب على المسلمين إعداد المستطاع من القوة والمعدات إرهاباً لعدو الله وعدوهم فهذه الرهبة هي التي تمنع وقوع الحرب وإذا جنح العدو للسلام والسلم فاجنح لهم ويجب أيضاً الوقوف في وجه المخادعين بالسلم اعتماداً على نصر الله للمؤمنين المتآلفين.

إلى أعلى

افتراءات غربية

س: لماذا ألصق الغرب تهمة العنف بالمسلمين وحدهم دون غيره؟

القرضاوي: إن ظاهرة العنف هي ظاهرة عالمية فبعض أبواق الإعلام الغربي ومن يدور في فلكها في ديارنا تريد أن تبرز الإرهاب وكأنه قاصر على المسلمين وتصاعدت حدة تلك الادعاءات بعد أحداث 11 سبتمبر وهذا ظلم مبين، فقد وجد العنف في أقطار ودول شتى في أنحاء العالم لقد وجدناه في أيرلندا وفي اليابان وفي أميركا نفسها وفي الهند وفي إسرائيل بلغ ذروته حيث الإبادة لمقومات الحياة على أرض فلسطين المحتلة وذبح الفلسطينيين الذين يدافعون عن الأرض والعرض والمقدسات ويسعون لنيل حقهم الطبيعي في الاستقلال وقد أحل المهاجرون الصهاينة محل الشعب الفلسطيني، فهم يشوهون الإسلام بإلصاق الإرهاب به وينسون جرائمهم البشعة تجاه الشعب الفلسطيني والتي يستخدمون فيها السلاح الأميركي وتدعمهم أميركا، فالإعلام الغربي والأميركي والصهيوني صار يتكتم الحق ويشيع الباطل ويزور الحقائق لصالح إسرائيل.

إلى أعلى

سلاح البترول

س: من وجهة نظر فضيلتكم هل يجدي استخدام سلاح البترول في الفترة الراهنة لخدمة القضية؟


جثث شهداء المقاومة الفلسطينية وانتزاع أجزاء محددة منهم للاستفادة بها في العمليات الخطيرة التي تجرى للمرضى اليهود مثل مرضى القلب والفشل الكلوي والكبد والأطراف وهذه التجارب غير الآدمية تؤكد عنصرية الحكومة الإجرامية الإرهابية في تعاملها مع المدنيين الفلسطينيين

القرضاوي: نحن بلا شك لا ننسى ما حدث في حرب أكتوبر 1973 في مصر عندما اتحدت الدول العربية ومنعت البترول عن الدول الأجنبية فكان لذلك أثر إيجابي لتحرير أرض مصر من العدوان الإسرائيلي فعلى الحكام العرب أن يبحثوا آثار هذا الأمر على الغرب ومدى ما يمكن أن يتحقق لصالح قضايانا.

س: لقد اتخذ العراق هذا القرار مؤخراً بشكل فردي فما رأي فضيلتكم؟

القرضاوي: يجب أن تحذو الدول العربية نفس الحذو فهذه الأمور تحدث مردوداً إيجابياً إذا اتخذت وفق قرار عربي موحد للضغط على الغرب ولو أجمعت الأمة العربية على ذلك فإن هذه الدول الغربية سوف تعلن في وقت قريب تقشفها وإفلاسها من ميزانيتها وسوف تتحرك بشكل فاعل للتدخل في حسم قضايا منطقة الشرق الأوسط، ويجب أن يكون هناك توافق بين الرأي العام الرسمي والشعبي في اتخاذ القرارات إذ يجب أن نتصدى لهذا العدوان الغاشم وأن نحسم الأمر معه فوراً دون التراجع عن هذه المقاطعة لأن هناك هجمات شرسة يتعرض لها الشعب الفلسطيني في هذه الأيام يتمت الأطفال ورملت النساء ودمرت البيوت والمصانع والمؤسسات وجرفت المزارع وهاجمت مقرات السلطة الوطنية الفلسطينية واستهدفت اغتيال القيادات الفلسطينية حيث تتبع قوات الاحتلال سياسة الأرض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر وطالت هذه الاعتداءات المقدسات الإسلامية والمسيحية حيث منع المسلمون من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك وإقامة الصلاة فيه بالإضافة إلى قصف العديد من المساجد وامتدت أيدي العدوان أيضاً إلى كنيسة القيامة حيث منعت سلطات الاحتلال المسيحيين من الاحتفال بأعيادهم وتحاصر كنيسة المهد في بيت لحم وتعتدي وتقتل العلماء المسلمين ورجال الدين المسيحي فهذا كله يقتضي أن نقف وقفة واحدة يداً واحدة أمام هذا العدو الصهيوني.

إلى أعلى

العمليات الاستشهادية

س: هل العمليات الاستشهادية نوع من الاستشهاد أم أنه انتحار؟

حطام الحافلة الإسرائيلية في مدينة حيفا نتيجة عملية استشهادية

القرضاوي: ما يحدث هو أعظم أنواع الاستشهاد، فالفلسطيني يقدم روحه على كفه لطرد هؤلاء الغزاة، فقد قال تعالى (ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد)، فهل هناك جريمة أشد من طرد الإنسان من الأرض التي ولد عليها وأكل من خيرها وشرب من مائها واستظل بظلها ولعب فوقها، فمن الحقوق الإنسانية التي كفلها الإسلام لحفظ النفس والحياة الجهاد في سبيل الدفاع عن الدين والوطن والنفس والعرض والمال ولقد شرع الجهاد في الإسلام لحماية الحقوق الإنسانية كلها والحفاظ عليها من الاعتداء على هذه الحقوق.

وما يحدث الآن من إضرار بالحياة الاجتماعية وانتهاك أبسط الحقوق وهو الحق في الحياة وهو ما ترتكبه إسرائيل بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية هو حرب مدمرة وغير مشروعة يقوم بها اليهود وتدور أحداثها المروعة البرية والجوية والبحرية ضد شعب أعزل احتلت أرضه وتنتهك كل حرماته الإنسانية في النفس والمال والعرض والمقدسات الدينية بقوة السلاح وتحت حماية الدول العظمى التي تدعي أنها تحمي حقوق الإنسان العالمية فهي تشد أزر المعتدي المحتل ضد أصحاب الحق والأرض حتى أصبح المحتل الغاصب في نظرهم هو صاحب الحق في الأرض وأن حربهم المدمرة لكل مظاهر الحياة والحقوق الإنسانية ما هي إلا دفاع عن النفس ضد أصحاب الحق والأرض الشرعيين وهم في نظرهم إرهابيون لأنهم يدافعون دفاعاً شرعياً عن أنفسهم وأوطانهم المحتلة وأعراضهم ومقدساتهم التي تنتهك أمام أعينهم على مرآى ومسمع العالم.

إلى أعلى

بين الجهاد والقتال

س: ما هو حكم الشرع في الامتناع عن الجهاد، فقد أكدت أنك سوف تعلن الجهاد؟


يجب أن نقطع علاقتنا مع اليهود ونفعّل من (عدم التطبيع التجاري) معها ونحاصر إسرائيل سياسياً وإعلامياً وعلمياً فالصمود يتطلب رؤى وقرارات موحدة لردع هذا العدوان الإسرائيلي

القرضاوي: يجب أولاً أن نميز بين الجهاد والقتال، فقد حدث خلط شديد بينهما في حين أنهما مختلفان لغة وشرعاً واشتقاق كل منهما يدل على اختلافهما، فالجهاد مشتق من بذل الجهد وهو الوسع أو تحمل الجهد وهو المشقة، أما القتال فهو مشتق من القتل وفي الشرع كل مسلم مطالب بالجهاد كما قال تعالى في خطاب المؤمنين (وجاهدوا في الله حق جهاده) وهذا يتم بمجاهدة النفس ومجاهدة الشيطان ومجاهدة المظالم والمنكرات في المجتمع ومجاهدة المشركين باللسان أو القلم أو بالمال أو بالسلاح كل في أوانه وفي موضعه والحكم في الامتناع عن الجهاد يكون هؤلاء الأفراد من المخالفين القاعدين ختم الله على قلوبهم فهم لا يفقهون شيئاً وقد يكون من الساخطين سواء من الله أو من المحكومين فهؤلاء الغزاة الذين جاءوا من أميركا وروسيا ودول مختلفة إلى فلسطين لاحتلال الأرض وتشريد الشعب فلابد من محاربتهم ومكافحتهم فهذا هو المنطقي رغم وجودهم منذ 50 عاماً فهذا لا يغير من طبيعتهم فهم غزاة اغتصبوا الأرض وما يحدث في فلسطين يتطلب الجهاد لعودة الحقوق المسلوبة وعلى العرب أن يقدموا الدعم اللازم لهذه القضية الفلسطينية سواء كان بالسلاح أو بالمال.

إلى أعلى

الاتجار بجثث الشهداء

س: ما حكم الدين في انتهاك حرمة الموتى واستغلال أعضاء الشهداء للاتجار بها من قبل العدو الصهيوني؟

القرضاوي: اليهود لهم تاريخ دموي نشاهده عبر قنوات التليفزيون والمثير أن إسرائيل لم تعترف بكل ما يحويه سجلها الأسود بل اتجهت إلى ممارسة إجرام من نوع جديد فهم يقدمون على إقامة مركز متخصص للاتجار في الأعضاء وهو إجرام قد حرمه الدين الإسلامي الحنيف.

فهم يقومون بتجميع جثث شهداء المقاومة الفلسطينية وانتزاع أجزاء محددة منهم للاستفادة بها في العمليات الخطيرة التي تجرى للمرضى اليهود مثل مرضى القلب والفشل الكلوي والكبد والأطراف وهذه التجارب غير الآدمية تؤكد عنصرية الحكومة الإجرامية الإرهابية في تعاملها مع المدنيين الفلسطينيين وقد حرم الشرع ذلك.

إلى أعلى

عدم التطبيع التجاري مع إسرائيل

س: وكيف يمكن التأثير على إسرائيل وأميركا لاتخاذ مواقف أكثر إيجابية؟

القرضاوي: يجب أن نقطع علاقتنا مع اليهود ونفعّل من (عدم التطبيع التجاري) معها ونحاصر إسرائيل سياسياً وإعلامياً وعلمياً فالصمود يتطلب رؤى وقرارات موحدة لردع هذا العدوان الإسرائيلي والعمل على إيجاد موقف أميركي مؤثر لوقف التصعيد الإسرائيلي والتوصل إلى حلول عادلة.

إلى أعلى

المظاهرات الشعبية وأثرها على القضية الفلسطينية

س: هل تعتقدون فضيلتكم أن المظاهرات التي تجوب كل دول العالم اليوم لها أثر في حل القضية الفلسطينية؟

القرضاوي: نعم فالشعوب هم الذين يضغطون على حكامهم، فهم يطالبون في مظاهراتهم بمقاطعة المنتجات الأميركية واليهودية ويطلبون أيضاً طرد وقطع العلاقات مع السفراء الأميركيين واليهود حتى تؤثر عليهم وهذا أيضاً من صور الدعم لشعب فلسطين وسوف يكون له صداه في هذه القضية.

إلى أعلى

قناة فضائية مشتركة لدول العالم العربي والإسلامي

س: وما رأي فضيلتكم في إنشاء قناة فضائية تشترك فيها دول العالم العربي والإسلامي لمخاطبة هؤلاء الغرب؟

القرضاوي: هذه القناة مهمة للغاية وسوف تسهم في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام وقضايا المسلمين ويجب ترجمة هذه القضايا بجميع اللغات حتى يفهمها الجميع فهم قوم لا يعرفون الإسلام ولا يفقهون شيئاً عنه.

إلى أعلى

تشويه صورة المسلم

س: ما ردكم على من يشوهون صورة الإنسان المسلم؟

القرضاوي: إن الإسلام ينظر إلى الإنسان نظرة التبجيل والاحترام في كل زمان وفي كل مكان وذلك لأن الإنسان في نظر الإسلام وشريعته هو خليفة الله في أرضه يعمرها وينميها ويستخرج كل خيراتها وكنوزها لتعينه على الحياة والعيش فيها والتمكن من أداء الخلافة الشرعية التي كلف بها وكانت منحة من الله إليه اختصه بها دون بقية خلقه واستأمنه عليها برغبته واختياره وأباح له فيها كل الطيبات التي تحقق له دوام الحياة واستمرارها إلى ما شاء الله وحرم عليه كل الخبائث التي تفسد عليه حياته أو تحول بينه وبين التمتع بكل زينتها وبذلك كرم الله الإنسان بذاته وجنسه مهما تعددت أفراده وأنواعه ولسانه وثقافته المعرفية بما يشمل البشرية كلها في كل زمان وفي كل مكان من آدم أبو البشر والإنسانية جمعاء إلى أن تقوم الساعة وكفل حق الإنسان في العيش الكريم والاطمئنان، لذا فالإسلام والمسلمون مبرأون من كل التهم التي حاول الأعداء إلصاقها بهم.

إلى أعلى

الزعم بوجود هيكل سليمان

س: تمعن قوات الاحتلال في تدنيس المقدسات الإسلامية بزعم البحث عن هيكل سليمان فما ردكم على هذا الزعم؟

القرضاوي: هذا الزعم بوجود هيكل سليمان خطأ فهم يحاولون تغيير معالم حضارتنا تحت مزاعم دينية غير منطقية يروج لها إعلامهم المشوش فهم يريدون هلاك الأمة العربية بالكامل ودورنا في المساجد وجهات الإعلام الإسلامية أن نتصدى لحملات الإعلام البغيض المبث إلينا وعلينا أن نقوم بتوعية الشعوب بالحقائق وأن نعمل جاهدين لنشر دعاة للإسلام في جميع دول العالم.

إلى أعلى