عبد الله الرويشد

لا يجوز إصدار أحكام متسرعة بتكفير المسلمين والحض على قتلهم. أكد فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي أن المغني الكويتي عبدالله الرويشد مسلم متمسك بالإسلام لم يخرج عن شرع الله في غنائه وأنه لم يتجن أو يتجاوز المشروع في غنائه للقصيدة الزهيرية التي تحوي كلمات من سورة الفاتحة، وأوضح أن التغني بأبيات فيها كلمات من القرآن الكريم لا يعتبر تغنياً بالقرآن لأن الجملة القرآنية أصبحت شعراً، وأشار إلى أنه شخصياً، أي القرضاوي أدخل فقرات من القرآن الكريم في شعره وذلك أمر معروف أجازه العلماء وفعله الشعراء، وأوضح أنه لا يجوز إصدار أحكام متسرعة بتكفير المسلمين والحض على قتلهم.

 

جاء ذلك في رسالة صوتية سجلها الخبير الإعلامي حسن رشيد لفضيلة د. يوسف القرضاوي يبرئ فيها المغني الكويتي من تهمة الكفر التي أوجبها في حقه فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي من علماء السعودية.

وقد وجه حسن رشيد السؤال التالي للدكتور القرضاوي: كان لفضيلتكم رأي حول الإفتاء الصادر بحق فنان مسلم وهو الفنان عبدالله الرويشد الذي اتهم ظلماً بأنه قد تغنى بسورة الفاتحة ولقد أنكر الفنان أنه لحن الفاتحة وأن القصيدة الزهيرية تحوي كلمات الشكر والثناء وأن كاتب الزهيرية هو عبدالعزيز الدويش أو راشد فاضل البنعلي من المنطقة الشرقية.

فهل ما غناه الفنان يدخل ضمن المحرمات حتى يتم قتله كالفتوى القائلة بوجوب قتله من قبل ولي الأمر من غير استتابة، وهل ما غناه من الشعر الزهيري يحمل مثل هذا التصور؟ خاصة وأن الفنان يعيش حتى هذه اللحظة هاجس القتل والاغتيال؟

إلى أعلى

د. القرضاوي: الرويشد مسلم لم يتجاوز المشروع في غنائه وأجاب فضيلته عن السؤال في رسالة صوتية موثقة قائلاً: قد رأيت ما ذكر عن الأخ عبدالله الرويشد من القصيدة التي غناها أو لحنها ولم أره كما نشر لحن الفاتحة كلها كما قيل ولكنه تغنى بأبيات قد تضمنت بعض كلمات من الفاتحة والتضمين لبعض آيات أو فقرات من القرآن الكريم في الشعر أمر معروف من قديم وأجازه العلماء وفعله الشعراء وحينما تدخل الجملة القرآنية إلى الشعر تصبح جزءاً من هذا الشعر ولا يقال أن الإنسان تغنى بالقرآن الكريم وكثيراً من الشعراء قديماً وحديثاً أدخلوا بعض فقرات من القرآن إلى أبياتهم الشعرية وأنا شخصياً فعلت هذا في كثير من شعري وقديماً كان لي مسرحية اسمها يوسف الصديق وأدخلت فيها أشياء من القرآن الكريم مثل: "ولقد راودته عن نفسه فاستعصم" إلى آخره، فالأخ كل ما قاله "الحمد لله رب العالمين" وهذه الكلمة أصبحت كلمة يقولها الناس في كل المناسبات يفتتح بها الخطباء خطبهم وإذا عطس الإنسان يقول "الحمد لله" وهي كلمة لا يقصد بها الإنسان أنه يقرأ آية من القرآن وإنما يقصد بها إظهار الحمد والثناء لله تبارك وتعالى وهناك كلمة إياك نعبد وهي أيضاً الكلمة الثانية التي جاءت إياك نعبد .. إياك .. وهذا لا يعتبر نوعاً من التلحين أو التغني بالقرآن الكريم، وهذا في الحقيقة مبالغة إذا ما اعتبر هذا تلحيناً للفاتحة وتغنياً بها، لأنه اقتبس بعض أشياء منها ومن قرأ القصيدة يجدها قصيدة طيبة جميلة، أنها تتضمن الثناء على الله تبارك وتعالى وتمجيداً له عز وجل والارتباط به والدعاء له والمناجاة له، وهذا الشعر الذي نريده من مطربينا وملحنينا ومؤلفينا أن يتجهوا هذا الاتجاه، بدل الاتجاه إلى الأغاني الخليعة والماجنة أو التي تثير الغرائز والتي تشيع الفجور بين الناس، نريد هذه الأغاني التي تنشر المعاني الربانية فأنا لا أرى أن الأخ الرويشد تجنى أو تجاوز المشروع في غنائه هذا، وأنا أعجب من هذه الفتوى والتي لم تصدر من مجمع من المجامع الفقهية، ولا من هيئة من هيئات كبار العلماء لا في السعودية ولا في مصر ولا في أي بلد وإنما صدرت عن شخص لعله لم يدرس الموضوع دراسة كافية، ولعله لو درسه وعرف حقيقته، فقد قيل له أن الرجل غنى الفاتحة فقال هذا كفر ويقتل ولا يجوز أن تصدر الأحكام الشديدة بهذه السرعة وخصوصاً إذا كان الحكم بتكفير شخص أو وجوب قتله هذا أمر في غاية الخطورة فلا يجوز استباحة دماء الناس بمثل هذه الفتاوى، لابد أن يعرف ماذا قال الشخص بالضبط وما هي الظروف التي قال فيها ما قال ويدرس قوله ويسأل ويستتاب والفقهاء يكادون يجمعون على أن من ارتد بالفعل يجب أن يستتاب ويناقش حتى لا يستبيح دمه بسهولة والشخص أنكر ذلك وهو مسلم وحريص على إسلامه وعلى أن يظل مسلماً فهذه الفتوى ليس لها أي قيمة، والأخ مسلم بjtيقين، واليقين لا يزال بالشك، والعلماء قالوا قديماً، لو أن مسلماً قال قولاً يحتمل وجوهاً لو بلغت 99 وجهاً يحتمل الكفر ووجهاً يحتمل الإسلام، نحمله على الوجه الذي يحتمل الإسلام، إبقاء للمسلم على دينه وحملاً له على الصلاح، وإحساناً للظن به، فإن حسن الظن بالمسلم مما دعا إليه الإسلام، والله تعالى يقول (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم).

 

واختتم د. القرضاوي كلامه عبر الشريط الصوتي قائلاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث" فالأخ الرويشد على ظاهر حاله مسلم متمسك بالإسلام حريص على إسلامه لم يخرج عن شرع الله في غنائه هذا، بل إنه أشاع قيمة من القيم الدينية المطلوبة، وهي مناجاة الله والاعتصام بحبله والارتباط به والتضرع له، وهذا ما ندعو إليه جميعاً، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقه وأن يصلح حالنا وحاله، وأن يثبتنا جميعاً على الحق، وأن يحيينا مسلمين ويميتنا مسلمين. اللهم آمين.

إلى أعلى