أكد المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في بيان نشر أمس في باريس، مقر المنظمة، أن حركة طالبان دمرت التماثيل البوذية في باميان في وسط أفغانستان، ووصف العملية بأنها "جريمة ضد الثقافة". وقال كويشيرو ماتسورا "لقد تبلغت بذهول من موفدي الخاص بيار لافرانس إن تدمير تماثيل بوذا في باميان تأكد". وأضاف المدير العام لليونسكو أن "طالبان ارتكبت هناك جريمة ضد الثقافة .. أنه أمر مقيت مشاهدة التدمير، المتعمد ببرودة، لممتلكات ثقافية تشكل تراث الشعب الأفغاني وكذلك تراث البشرية جمعاء". كما أكد مصدر غربي تدمير أكبر تمثالين لبوذا في العالم في إقليم باميان بوسط أفغانستان وقال إن الملا عبيدالله وزير الدفاع جلب المتفجرات من كابول ويشرف بنفسه على العملية. وكان أحد زعماء حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان استبعد أمس التوصل لحل وسط مع علماء أكبر منظمة إسلامية في العالم بشأن قرار تدمير تماثيل أثرية قائلاً إن العمال يزيلون آخر بقايا تماثيل بوذا في أفغانستان.
ولم يوقف تدخل العلماء من خارج أفغانستان عملية هدم التماثيل المثيرة للجدل التي بدأتها قوات طالبان بمجرد صدور قرار بهذا الشأن من زعيمها الملا محمد عمر قبل أسبوعين اعتماداً على فتوى من العلماء الأفغان، فبعد يومين من المناقشات التي بدأها الوفد مع الملا عمر في قندهار معقل طالبان واستمرت مع لجان الفتوى الأفغانية في سلسلة من الجلسات أعلن وزير الثقافة والإعلام الأفغاني قدرة الله جمال أن العلماء لم يقدموا حججاً شرعية مبنية على أدلة قطعية بأن ما تقوم به طالبان من تهديم للأصنام عمل غير مشروع، فيما كانت الأنباء قد سبقت الوفد بأن عملية هدم تمثالي بوذا العملاقين في باميان قد شارفت على الانتهاء وأن التماثيل الصغيرة والمتوسطة المصنوعة من الفخار والخشب قد حطمت جميعها في جميع أنحاء أفغانستان، إلا أنه لم يعرف حتى الآن نتيجة المباحثات التي أجراها العلماء الذين يزورون أفغانستان لأول مرة منذ استيلاء طالبان على السلطة في كابول قبل ست سنوات حيث لم يصدر عن الوفد الذي يمثل منظمة المؤتمر الإسلامي ويضم مفتي الديار المصرية نيابة عن الأزهر الشريف ووزير الدولة القطري للشئون الخارجية والشيخ يوسف القرضاوي إلى جانب عدد كبير من العلماء.
الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الذي قام أمس بزيارة لمخيم شمشتو أكبر مخيمات اللاجئين الأفغان في باكستان الذي يضم ما يقارب من 200 ألف لاجئ أعرب عن حزنه على عملية هدم تمثالي بوذا التي وصفها بأنها تضر بطالبان وبالإسلام وذلك بعد لقائه بوزير خارجية طالبان الملا وكيل أحمد متوكل الذي أخبره بدوره أن عملية هدم التماثيل مسألة دينية داخلية ولا تهدف إلى استفزاز أحد كما لا تتوقف بتدخل خارجي، في حين اتهم وزير الخارجية الباكستاني عبدالستار عزيز المجتمع الدولي بالتقصير تجاه الحفاظ على التماثيل عندما قال إن العالم اتخذ موقفاً سلبياً عندما بقي يحسب التوقعات وأن تحركه جاء صغيراً جداً ومتأخراً جداً، وأن عدداً قليلاً جداً من الدول أرسلت وفوداً لطالبان، في حين اعترف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى أفغانستان فرنسيس فيندريل بأن العقوبات الأخيرة وتنامي عزل طالبان دعم موقف الأجنحة الأكثر تشدداً في أفغانستان وشجعها على هدم التماثيل وجعل طالبان لا تعير اهتماماً لردود الفعل الخارجية.
إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة استبعد أن تؤثر مسألة التماثيل على المساعدات الإنسانية للأفغان الذين وقعوا ضحية ثلاث مآس هي الحرب والقحط والعقوبات الدولية، وقال عنان إن هناك أطفالاً يموتون سواء هدمت التماثيل أو بقيت وأن مصير الأطفال الجياع يجب ألا يربط بمصير التماثيل، وخاطب عنان اللاجئين الأفغان بقوله أريد أن أؤكد لكم أن لكم أصدقاء خارج أفغانستان وأن المجتمع الدولي يساعد الشعب الأفغاني داخل أفغانستان وخارجها وأن وجودي بينكم يعني أن المجتمع الدولي لن ينساكم.
خطاب كوفي عنان باللاجئين الأفغان وصف بأنه دفاع عما تتعرض له الهيئة الدولية من تهم بازدواجية المعايير بسبب العقوبات التي فرضتها على طابان وحظر تزويدها بالسلاح دون التحالف الشمالي المعرض لها، ومبرراً للاهتمام المتأخر بأفغانستان بعد الاستجابة لصرخات اليونسكو الأخيرة حول التماثيل فيما لم يسمع أحد صراخ أطفال أفغانستان طوال الشتاء بعد أن قضى الآلاف منهم بسبب الجوع والبرد.