دعا فضيلة د. يوسف القرضاوي إلى إحياء فريضة الجهاد في نفوس المؤمنين والتأسي في ذلك بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم المفعمة بمعاني الجهاد، جهاد النفس وجهاد المال. وحث الحركات الجهادية في فلسطين على الاستمرار بإبقاء جذوة الانتفاضة وإدخال الرعب إلى قلوب اليهود الغاصبين.(ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين).(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، جاهد نفسه الأمارة بالسوء حتى أصبحت نفساً لوامة، ثم نفساً راضية مطمئنة فمنذ كان صغيراً عليه الصلاة والسلام لم يعرف عنه أنه دخل فيما كان يدخل فيه أهل الجاهلية، فلم يسجد لصنم ولم يشرب خمراً ولم يشارك في لهو الجاهلين، فقد صنع على عين الله واصطنعه الله لنفسه، واصطفاه من بين خلقه فربي تربية خاصة، أدبه ربه فأحسن تأديبه وعلمه فأكمل تعليمه، وأعده للرسالة العظمى (ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى) لقد أخرجه الله من براثن الجاهلية ليعده فيكون رسولاً للبشرية جمعاء، إلى أن تقوم الساعة، كما أنه عليه الصلاة والسلام جاهد شيطانه، حتى أسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم "ما من أحد منكم إلا وله شيطان، قالوا: حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير".
جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع عمر بن الخطاب. وقال فضيلته: كلما أهل علينا شهر ربيع الأول هبت علينا ذكريات كريمة ففي هذا الشهر ولد الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه هاجر، هذا الرسول الكريم من حقه علينا أن نتذكر سيرته كلما جاءت مناسبة من المناسبات وليس هذا من الاحتفال المبتدع، فنحن إنما نذكر الناس بهذه السيرة ونربطهم بهذه الرسالة المحمدية وقد كان الصحابة يغذون أبناءهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزواته من أجل نشر العقيدة.
وأضاف: من هنا ينبغي علينا أن نقتدي بالصحابة فنغتنم الفرص للتذكير بالرسول صلى الله عليه وسلم، إننا بهذه المناسبة لا نحتفل بمولد شخص إنما نحتفل بمولد رسالة ظهرت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فحديثنا عن الرسول باعتباره مرسلاً، أعدته العناية الإلهية ليحمل الرسالة الخاتمة للبشرية ويحمل الرسالة العالمية التي امتدت إلى كافة أرجاء الدنيا وامتدت عمقاً حتى استوعبت شؤون الدنيا والآخرة وصدق الله العظيم القائل مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم
وفيما يتعلق بالجانب الجهادي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال القرضاوي: ما أحوج الأمة في هذه الآونة التي تتقاعس فيها عن واجبها في نصرة إخوانها في المسجد الأقصى إلى أن تحدث وتذكر بالجهاد، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المجاهدين كما كان شأنه في كل شيء.
وقال: لقد كان للرسول صلى الله عليه وسلم حظه الأوفى في جميع مراتب الجهاد، فقد جاهد نفسه، ليكون خلقه القرآن كما وصفته عائشة رضي الله عنها، فكان من الذين تحقق فيهم قول الله تعالى
وحول جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم للكافرين قال فضيلة الداعية الكبير: لقد جاهد الرسول صلى الله عليه وسلم الكفار بنفسه وماله وبيده وبلسانه فقد خاطبه الله تعالى في المرحلة المكية قائلاً (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيرا) هذا الجهاد هو جهاد البيان والدعوة ولم يكن هذا بالأمر السهل فإن مجابهة مجتمع وثني مقتنع بما كان عليه الآباء والأجداد لا يحاول أن يمتحن ما كانوا عليه أمر غاية في المشقة.
وقال فضيلته: لقد وقفت الجاهلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفاً صلباً عنيداً ما بين مكذب وما بين متهم أو رافض لهذه الدعوة كما فعل أبو لهب عندما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله إلى الدين فقال: تباً لك ألهذا دعوتنا؟!
وقد أدرك المشركون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكون يريد مالاً أو جاهاً أو شيئاً من هذه الدنيا إنما كان يريد أن يبلغ دعوة الله متحملاً في سبيل ذلك الكثير الكثير كما حصل له ولقومه في شعب أبي طالب وكما حصل له عندما دعا أهل الطائف إلى الله تعالى.
وفي الخطبة الثانية قال فضيلته: لا نستطيع من فوق هذا المنبر إلا أن نحيي هذا الشباب المؤمن، الشباب الذي وضع رأسه على كفه وقدم نفسه فداء للقضية وللمسجد الأقصى وللأمة الإسلامية كلها، نحيي هؤلاء شباب المقاومة الإسلامية وشباب الجهاد الإسلامي الذين يروعون أعداء الله ما بين الحين والحين بهذه العمليات البطولية الاستشهادية التي أثبتت أن المسلمين لا يزالون قوة مؤثرة وأن المسلم لا يستطيع أن يجعل من نفسه قنبلة بشرية تواجه القنبلة النووية، هذا الشاب الذي فجر التفجير الأخير ادخل الرعب في قلوب اليهود وزلزل الأرض من تحت أقدامهم.