د.يوسف القرضاوي
إن تطبيق الشريعة ليس عمل الحكام وحدهم، وإن كانوا هم أول من يطالب بها، باعتبار ما في أيديهم من سلطات تمكنهم من عمل الكثير من الأشياء التي لا يقدر عليها غيرهم.
وقد كان بعض السلف يقولون: لو كانت لنا دعوة مستجابة لدعوناها للسلطان، فإن الله يصلح بصلاحه خلقاً كثيراً.
وهذا كان في عصر لم يكن زمام التعليم، والإعلام، والتثقيف، والتوجيه، والترفيه بيد السلطان كما هو اليوم. ومع هذا نقول: إن على الشعب مسؤولية تطبيق الشريعة في كثير من الأمور التي لا تحتاج إلى سلطان الدولة وتدخل الحكام.
إن كثيراً من أحكام الحلال والحرام، والأحكام التي تضبط علاقة الفرد بالفرد، والفرد بالأسرة، والفرد بالمجتمع، قد أهملها المسلمون أو خالفوا فيها من أمر الله، وتعدوا حدود الله، ولن يصلح حالهم إلا إذا وقفوا فيها عند حدود الله تعالى، والتزموا بأمره ونهيه بوازع من أنفسهم، وشعورهم برقابة ربهم علبهم.
ويجب على الدعاة والمفكرين والمربين أن يبذلوا جهودهم لتقوم الشعوب بواجبها في تطبيق ما يخصها من شرع الله، ولا يكون كل همها مطالبة الحكام بتطبيق الشريعة، وكأنهم بمجرد أن يرفعوا أصواتهم بهذه المطالبة قد أدوا كل ما عليهم.
......................
* من كتاب "ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده" لفضيلة الشيخ.