محمد عبد القدوس
تعرض شيخنا الجليل يوسف القرضاوي الذي يعاني حاليا من وعكة صحية -شفاه الله- لحملة بشعة من التشويه والإساءة إلى شخصه من الإعلام المصري لمجرد رفضه القاطع لحكم العسكر وانقلاب 3 يوليو الذي أطاح بالشرعية، بل صدر حكم عليه بالإعدام في قضية ما يسمى بالهروب الكبير.. آثار دهشة العالم.
فالشيخ لا صلة له بهذا الموضوع من قريب أو بعيد، والجدير بالذكر أن وقائعها ملفقة وتتعلق بإطلاق سراح الإخوان والسجناء السياسيين عقب ثورة يناير من سجن وادي النطرون، لكن القضاء المصري الذي وضع نفسه في خدمة العسكر تمادى في الظلم وأصدر أحكاما طائشة ومشددة بالإعدام والسجن المؤبد على أعداد كبيرة من أبناء مصر الشرفاء.
والشيخ يوسف القرضاوي من أبرز الدعاة إلى إسلامنا الجميل، وفكره يقوم على الوسطية وهي المدرسة التي تضم عددا من الأعلام والأئمة مثل جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، والشيخ محمد رشيد رضا، والإمام الشهيد حسن البنا، وشيخنا الإمام محمد الغزالي، ورفيق دربه الشيخ سيد سابق، والشيخ محمد أبو زهرة، وغيرهم من العلماء العظماء.
ولكن ما المقصود بالوسطية؟ يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن: "وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ". فهذا هو الموقف الثابت.. لا طغيان ولا إخسار في الميزان.
وهذه بعض الأمثلة كما أوضحها شيخنا الجليل:
وسط بين الذين يأخذون الحضارة الغربية بخيرها وشرها وبين الذين يرفضونها كلية.
وسط بين دعاة الانفتاح على العالم بلا ضوابط، ودعاة الانغلاق على النفس بلا مبرر.
وسط بين دعاة التشدد ولو في الفروع والجزئيات ودعاة التساهل ولو في الأصول والكليات.
وسط بين المقدسين للتراث وإن بدا فيه قصور البشر، والذين يرفضونه وإن تجلت فيه روائع الهداية.
وسط بين المحكمين للعقل وإن خالف النص القاطع، والمغيبين للعقل ولو في فهم النص.
وسط بين المستغرقين في السياسة على حساب التربية، والمهملين للسياسة كلية بدعوى التربية.
ويتميز تيار الوسطية كذلك بخصائص أساسية يشرحها الشيخ القرضاوي، وأهمها ما يلي:
1- التيسير في الفتوى، والتبشير في الدعوة.
2- الجمع بين السلفية والتجديد (أو بين الأصالة والمعاصرة).
3- الموازنة بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر.
4- الحوار والتعايش مع الآخرين، والتسامح مع المخالفين.
5- تبنّي الشورى والعدالة وحرية الشعوب وحقوق الإنسان.
6- إنصاف المرأة وتحريرها من جور التقاليد الموروثة من عصور التخلف ومن التقاليد الدخيلة علينا الوافدة من الغرب أو الحضارة الأوروبية.
7- تقديم الإسلام رسالة حضارية متكاملة متوازنة تكون قدوة للعالم والتصدي للتطرف بنوعيه.. المنسوب ظلما للدين من جهة والتيار العلماني من جهة أخرى.
المصدر: بوابة الحرية والعدالة