د. يوسف القرضاوي

القرآن الكريم آية الإسلام الكبرى, ومعجزة الرسول العظمى: يعتبر معجزة جمالية, إضافة إلى أنه معجزة عقلية, فقد أعجز العرب بجمال بيانه, وروعة نظمه وأسلوبه, وتفرد لحنه وموسيقاه, حتى سماه بعضهم: سحراً.

وقد بين علماء البلاغة وأدباء العربية وجه الإعجاز البياني أو الجمالي في هذا الكتاب, منذ عبد القاهر إلى الرافعي وسيد قطب وبنت الشاطئ وغيرهم في عصرنا.

ومن المطلوب في تلاوة القرآن أن ينضم جمال الصوت والأداء إلى جمال البيان والنظم. ولهذا قال تعالى: "ورتل القرآن ترتيلا".

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « زينوا القرآن بأصواتكم »، وفى لفظ آخر: « فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً ».

وقال: « ليس منا من لم يتغن بالقرآن » ولكن التغني المطلوب لا يعني التلاعب أو التحريف.

وقال عليه الصلاة والسلام لأبى موسى: « لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة ! لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود »! فقال أبو موسى: لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا » !! يعنى: زدت في تجويده وإتقانه وتحسين الصوت به.

وقال: « ما أذن الله لشيء, ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن, يجهر به ».

ولقد سمعت شيخنا الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله يحكي لنا عن موقف له في المجلس الأعلى للإذاعة, وقد كان عضواً فيه: أنهم أرادوا أن يجعلوا وقت قراءة القرآن في الافتتاح والختام وبعض الفترات محسوبا على نصيب الدين فقط , فقال لهم: إن سماع القرآن ليس دينا فقط. إنه استمتاع أيضا بالفن والجمال المودع في القرآن, والمؤدى بأحسن الأصوات.

وهذا صحيح, فالقرآن دين وعلم وأدب وفن معاً. فهو يغذي الروح, ويقنع العقل, ويوقظ الضمير, ويمتع العاطفة, ويصقل اللسان.

ــــــ

* من كتاب "ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده" لفضيلة الشيخ.