د. يوسف القرضاوي
(8) كلمة شيخ الأزهر بعد أحداث جمعة الغضب 17/8/2013
فاجأنا شيخ الأزهر كعادته –وما أكثر مفاجآته– بخطاب سياسي طويل، يوجهه إلى أطراف عديدة، ويحمل رسائل مختلفة، ولا أدري أليس هو الذي قال بالأمس القريب، وقبل هذه الكلمة بيومين فقط: إنه يناشد الجميع، ويطالبهم بالكف عن إقحام الأزهر الشريف في الصراع السياسي؟! ألم يخرج علينا متبرئا من دماء الشهداء التي أريقت، وأرواحهم التي أزهقت، وكرامتهم التي أهدرت، وحريتهم التي سلبت، ثم جاء – بعد ساعات معدودات – ليناقض نفسه، وينقض قوله، متشبثا بالباطل، غارقا في الظلم، فجاء بيانه على النحو التالي:
( إن الأزهر الشريف ليأمل أن يستمع الجميع إلى رسائله الخالصة، والمبرأة من كل هوى، أو غرض أو ميل.
رجال الأمن والقوات المسلحة .. أنتم خير أجناد الأرض. وحفظ الأمن في الداخل والخارج أمانتكم، التي تُسألون عنها أمام الله تعالى، وأنتم على قدرها بإذن الله، وبدونكم لن يتحقق للبلاد أمن ولا استقرار.
يناشدكم الأزهر الذي يقف خلفكم، أن تتوخوا الحذر والدقة، وأنتم تنشرون الأمن والأمان في ربوع البلاد، وتفرقون في حذر شديد بين من يتظاهر سلميا، ومن يتظاهر للعنف والتخريب والقتل والدمار.
فالحفاظ على أرواح المسالمين مسؤوليتكم الكبرى، وإنا لنناشدكم التحلي بالصبر الجميل، الذي عهدناه فيكم، تجاه انفعالات بعض المتظاهرين، ماداموا لم يتعدوا على مقدرات الوطن، وأمن المواطنين، فإن خرجوا على كل ذلك، فأنتم بهم خير كفيل، في إطار القانون !!
السادة المصريون من مختلف التيارات والقوى السياسية والحزبية.. إن الاختلاف سنة الله في الكون والخليقة، لكنه لا يقدح في وطنية أحد، ولا يصفه بالعداء والتخوين، وإني أناشدكم أن تفتحوا باب التصالح، وأن ترتادوا آفاق التعاون، من أجل وحدة البلاد، واستقرار مصر المستقبل.
أبناء مصر من جماعة الإخوان والمتحالفين معهم.. إن مشاهد العنف لن تكسب استحقاقا لأحد، والشرعية لا تكتسب بدماء تسيل، ولا بفوضى تنتشر في البلاد والعباد.
ونحن على ثقة كبيرة في أنه لا تزال هناك فرصة، ولا يزال هناك أمل ومتسع لكثيرين منكم، ممن لم يثبت تحريضه على العنف والتخريب: أن يجنح إلى السلم، وأن يسعى للجلوس على مائدة الحل السلمي، وأن يسارع إلى حماية مصر .. بلدكم ووطنكم، الذي ولدتم فيه، وتربيتم ونشأتم، ودرجتم على أرضه وترابه، وشربتم من نيله.. تسارعون إلى حماية هذا البلد من الانزلاق إلى نماذج من الفتنة العمياء، التي أحدقت ببلاد نعرفها جميعا، وأتت على الأخضر واليابس.
إن علينا أن نتفق جميعا على أن مستقبل مصر لن يستقل برسمه وصياغته فصيل دون فصيل، وأن من حق الجميع أن يشارك في صنع هذا المستقبل، وعلينا جميعا أن نقر أن هيبة الدولة وسيادة القانون هما صماما الحفاظ على أمن المواطن وأرواح المواطنين في كل أقطار الدنيا، وأنه من العبث بأي من هذين الخطين الأحمرين، فلا أمل لا في أمن ولا في استقرار.
أقباط مصر ومسيحييها.. لا يدخر الأزهر جهدا، في التأكيد على حرمة كنائسكم ودور عبادتكم، وأن تخريبها أو مسها بسوء، ليس من الإسلام في قليل ولا كثير، والإسلام يتبرأ من هذه التجاوزات، التي ترفضها الأديان والأعراف، وحضارات الإنسان.
ولا يخفى علينا ولا عليكم أن محاولات جر البلاد إلى فتنة طائفية، هي خطة شيطانية وافدة، وهي محكوم عليها بالخيبة والفشل بإذن الله، فمصر كانت وستبقى دوما أبية على مثل هذه المحاولات الدنيئة.
أصدقاءنا في العالم الخارجي.. إن مصر، برجالها وأبنائها قادرة على تجاوز هذه المرحلة، وإن إعادة ترتيب شؤونها الداخلية أمر يسير جدا، إذا ما التزمت دول العالم بقوانين الأمم المتحدة، وبمواثيقها، وبأعراف العالم، وبخاصة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وعليكم أن تعلموا – إن لم تكونوا تعلمون – أن مصر بحضارتها العريقة، التي تعرفونها، هي أكبر من أي إملاء أو تآمر، كائنا من كان المملي أو المتآمر، ونذكركم بأن الله أكبر منكم، وأن قدرته غالبة، وأن الله غالب على امره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
تعقيب: الحق أننا في حيرة من أمرنا .. من نصدق؟!
الشيخ أحمد الطيب الذي ينأى بنفسه عن عالم السياسة بأوحالها ومكايدها، وبأغوارها ودهاليزها، والذي كاد أن ينفض يده من الانقلاب العسكري، بعد أن عمل على تثبيت أركانه؟! أم الشيخ أحمد الطيب، المنغمس فيها، المنظِّر لها، الذي يخاطب الداخل والخارج، والحكومة والمعارضة، والجيش والشرطة؟! أي هذين هو أنت؟!
أم أن الأوامر الممهورة بتوقيع الجنرال، والمدموغة بخاتم العسكر، لم تترك لك اختيارا، إلا الخضوع والرضوخ، ولم تستطع أن تظل على موقف واحد، ولو كان هزيلا؟!
الحق يا شيخ الأزهر إنك ما أن تخطو في اتجاه الحق خطوة، حتى تتراجع إلى الباطل خطوات، وما أن تتقدم في طريق العدل حبوا، حتى تتقهر عنه عدْوًا.
لقد كنتُ أظنهم قد غرروا بك، فعلمتُ بقولك أنك ممن أوحى لهم!! وكنت أحسبك متورطا، فعلمت أنك متآمر!! وكنت إخالُك خائفا، فعلمت أنك مشارك!! تكيد لهذه الأمة وتمكر بها، وتتخذ من عمامة الأزهر غطاء لمآربك، وتمويها على المصريين!!
تأكدنا الآن أن الأزهر المجيد من المؤسسات التي ينبغي تطهيرها.. عرفنا أن الفساد قد نخر في كل شيء في مصر، حتى في مشيخة الأزهر، التي لم تعد يا شيخ الأزهر تمثلها، بانتفاض علماء الأزهر ودعاته ضد ممارساتك، ولم يبق معك إلا نفر قليل، ممن عينتهم بنفسك، فهم صنيعتك، وعلى شاكلتك!!
ظننتك يا شيخ الأزهر ستتحدث عن حرمات المسلمين التي انتهكت، ومساجد الله التي دُنِّست، وخربت، وحرقت، ولم تعد تصلح لصلاة، كمسجد رابعة العدوية، والله تعالى يقول:{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ البقرة:114]. ظننتك ستثأر لدماء المسلمين التي أريقت وأرواحهم التي أزهقت، فيا خيبة المسلمين في شيخ أزهرهم، الذي لم يذكر حرمة المساجد ببنت شفة، وأخذ يتحدث عن حرمة الكنائس، التي يعلم علم اليقين أن عملاء السيسي هم الذين يحرقونها، وما كنيسة القديسين في الأسكندرية منك ببعيد!!
وهذه شهادة الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا على فضائية الحياة، بأن الأ لم يكن متواجدا بالكلية في كل مواضع الاعتداء على الكنائس في المنيا؛ بل ورفض قوات الأمن حماية هذه المنشئات، بما يفسر تواطؤ الداخلية في الأمر، وأنها إما أن تكون هي من حرض على ذلك أو من نفذه.
مع أن موقف المسلمين في مصر من إخوانهم في الوطن، وشركائهم في العيش، لا يقبل المزايدة، وتاريخ الإخوان المسلمين مع الأقباط منذ نشأة هذه الجماعة، ومن مواقف مؤسسها الشهيد حسن البنا رحمه الله تؤكد على حرمة التعدي على كنائسهم وممتلكاتهم، وأهمية حماية دمائهم وأموالهم وأعراضهم، كما كفل المسلمون لهم حرية الاعتقاد، وحرية العمل والكسب، وتولي العديد من وظائف الدولة، على أساس الكفاءة والقدرة.
وإذا كان هذا موقف الإسلام من أهل الكتاب خاصة، فلأقباط مصر شأن خاص، ومنزلة متميزة، فقد أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصية خاصة، يعيها عقل كل مسلم، ويضعها في السويداء من قلبه. من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه، عن أبي ذر، مرفوعا: "إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما» أو قال: «ذمة وصهرا".[1] وفي رواية: "ذمة ورحما"
قال العلماء: الرحم التي لهم: كون هاجر أم إسماعيل عليه السلام منهم، والصهر: كون مارية أم إبراهيم، ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.[2]
وما رواه أبو يعلى وابن حبان، من حديث عمرو بن حريث وغيره:" فاستوصوا بهم خيرا، فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله» - يعني قبط مصر.[3]
وما رواه الطبراني في الكبير، عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهَ اللهَ في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة، وأعوانا في سبيل الله".[4]
ظننتك ستنادي أبناء القوات المسلحة والداخلية، أن رفقا بإخوانكم المصريين، فإذا بك تصفهم بأنهم يتحلون بالصبر الجميل، وأنك قد عهدتهم كذلك!!
هذا الصبر الجميل الذي خلَّف المئات من الشهداء، في مجزرة الحرس الجمهوري، و عند (المنصة) في شارع النصر وغيرها، وهو الذي حصد أرواح الآلاف في فض اعتصامي (النهضة) و( رابعة العدوية)، وظل يزهق الأنفس، ويمزق أجساد المئات في جمعة الغضب، وما تبعه من اعتقالات واسعة للمتظاهرين السلميين!!
وإذا بك تغري هؤلاء الجنود بالمتظاهرين، وتحضهم على قتلهم، قائلا: (فأنتم بهم خير كفيل) الله كفيل بك وبهم، قادر عليك وعليهم، منتقم منك ومنهم!!
ظننتك ستتحدث مع ممثلي الشرعية والراغبين في استعادتها بحكمة لبيب، أو مقالة حكيم، ولكنك خاطبتهم خطاب رجال أمن الدولة، وشرعت تكرس للانقلاب و تشرعه، وتبني على الباطل وتدعمه!!
تقول لهم: ( إن الشرعية لا تكتسب بدماء تسيل، ولا بفوضى تنتشر) وهل نسيت أن هذه الدماء التي تسيل هي دماؤهم، وأن الذين يُسيلونها ويسفكونها هم شركاؤك؟!
ليتك قلت لنفسك ولرفاقك من الانقلابيين: إن الشرعية لا تكتسب بالانقلابات العسكرية، على المؤسسات المنتخبة، ولا تكتسب بإراقة الدماء الزكية، وبترويع المصريين، وفرض الطوارئ، وحظر التجول.
أنسيت أن الشرعية مع أنصار الرئيس مرسي، الذين يدافعون عنها، ويذودون عن حياضها، ويتمسكون بها، إنهم لا يغتصبون شرعية، وإنما اغتصبتموها أنتم منهم، بتهديد السلاح، وفوهات المدافع، بآلة البطش، وسلاح القمع، الذي تدافع عنه، فإذا بك تصورهم بأنهم يريدون اغتصاب السلطة منكم، مع أنكم المغتصبون لها، المعتدون على أصحابها!!
وهل الحل السلمي الذي تراه وتدعو إليه، هو استسلام المقتول للقاتل، والمظلوم للظالم؟! هي قبول الذل والهوان؟!
هي السير كالنعاج خلف سارق متكبر، ظالم متغطرس؟!
إن المصريين قد تجاوزوا هذه الدعوات، وسئموا من الضيم، وأبوا أن يعيشوا أذلاء، ولسان حالهم يقول، كما قال الشاعر الفلسطيني:
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى
فإما حياةٌ تسر الصديق وإما مماتٌ يغيظ العـــدا
وإذا بك تتحدث عن هيبة الدولة وسيادة القانون، وكأن هذه الدولة لا يُعرف لها هيبة، إلا إذا كانت دولة مزورة أو مغتصِبة، وذلك القانون لا يكون له سيادة، إلا إذا كان قانون الغاب والظلم، أما إذا كان القانون هو قانون الشعب، وكانت الدولة ممثلة من الشعب، فلا هيبة ولا سيادة لها، وها هو التاريخ شاهد عليك، يوم حرمت التظاهر على المصريين في عهد الرئيس المزور حسني مبارك، ثم أحللته لهم ودعوتهم إليه، ورغبتهم فيه، في عهد الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، ثم عدت إلى تحريم التظاهر في عهد الجنرال المغتصِب عبد الفتاح السيسي، فعن أي هيبة تدعو؟! وعن أي سيادة تتكلم؟! وأين موقع الشرع من فتاويك ومواقفك؟!
وزعمت أن كلماتك خالية من الهوى، والهوى ينضح منها، وادعيت أنها خالصة من كل ميل أو غرض، وهي مُغرضة جائرة ظالمة، تقف مع الظالم ضد المظلوم، تقول للمقتول: اصمت وأنت تُذبح، وللمعذَّب: لا تئنَّ وأنت تُجلد، وللأسير: لا تعترض وحريتك تسلب.
وإذا بك تخاطب العالم الحر الذي انتفض لما يرى من بشاعة الانقلابيين ومجازرهم، وإفراط القتل والترويع والاعتقال، فإذا بك تخاطبهم بأنهم متآمرون، يريدون أن يملوا على مصر إرادتهم!! وكأنك لا تعلم أنك تخاطب من خططوا لكم، فلما فشلتم في تنفيذ خطتهم تخلوا عنكم، وتبرؤوا منكم في الظاهر، لتحسين صورتهم، وإلصاق التهم بكم، {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [ الحشر:16]
ألا تستحي وأنت تختلق الأكاذيب، ثم تصدقها؟! أتظن العالم الخارجي يستمع إلى إعلامكم الساقط، وصحافتكم المأجورة؟!
أنسيت أن العالم قد أصبح قرية صغيرة، لا تستطيع أن تحجب خبرا هنا أو هناك، مع تطور شبكات التواصل الاجتماعي، وثورة الاتصالات والإنترنت؟!
تبا لهذه القلوب القاسية، وهذه الضمائر الميتة، وتلك العمائم المأجورة، وهذا المكر السيئ، الذي لن يحيق إلا بأهله، وذلك البغي الذي سيقطع الله دابره! {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الأنعام:45].
وإنني أنادي الأحرار والمخلصين، من علماء مصر، والعالم الإسلامي، في مشارق الأرض ومغاربها: أن يقفوا في خندق الحق، وأن يكونوا مع المظلوم لا الظالم، ومع الحق لا الباطل، ومع نور الإيمان لا ظلمات الطغيان.. أن يكونوا عبادا للرحمن لا أتباعا للشيطان .. أن يقفوا مواقف العلماء الربانيين، لا مرتزقة السلاطين .. في شجاعة العز ابن عبد السلام، وابن تيمية، والنووي، وغيرهم من علماء الإسلام.
إن العالم ليتطلع إلى آراء وفتاوى العلماء { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } [الأحزاب:39 ]. الذين خاطبهم سبحانه بقوله: { فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [المائدة:44 ].
ووالله إني لأشتم رائحة النصر، وأرى بوادره، وأسمع أهازيجه، مع كل صوت حر، مع كل شاب مخلص، وكل فتاة عفيفة، وكل طفل أبيٍّ، مع إصرار الشيوخ، وتفاني العجائز، مع صبر الصائمين، ووخشوع القائمين، وتحدي هذا الجيل: جيل النصر المنشود.
ستكسر عزائمهم حاجز الخوف، وستسسحق سلميتهم أرتال الدبابات، وستذيب حماستهم طلقات الرصاص، وستعلو أصواتهم الهادرة أزيز الطائرات، ولن تهاب نفوسهم الحرة دانات المدافع.
سيزيل هؤلاء بتوكلهم على الله، وثقتهم في نصره، وصبرهم في الميادين، وثباتهم في الساحات، وإرادتهم التي لا تعرف اليأس، وتصميمهم الذي لا يعترف بمستحيل، سيزيل هؤلاء قادةَ الانقلاب إن شاء الله، ويزيلون معه أذنابه، ممن أراد الناس لهم الريادة ولكنهم أصروا أن يكونوا عبيدا للبيادة.
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [ الشعراء:227].
يوسف القرضاوي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
ــــــــــ
(1) رواه مسلم في الفضائل (2543)، عن أبي ذر.
(2) ذكره النووي في رياض الصالحين حديث رقم (334).
(3) رواه أبو يعلى (1473)، وابن حبان كما في موارد الظمآن (2315).
(4) رواه الطبراني في الكبير (561)، عن أم سلمة.