ألقى فضيلة الدكتور علي القره داغي نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث؛ كلمة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي بالنيابة لافتتاح الدورة الـ25 للمجلس والمنعقدة في اسطنبول خلال الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر، وذلك بعد اعتذار الإمام عن عدم الحضور.
ونوه فضيلته في كلمته بالأهمية الكبرى لموضوع المواطنة والاندماج بالنسبة للأقليات المسلمة في الغرب.
نص الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وخاتم النبيين، سيدنا محمد الرسول الأمين، وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم إلى يوم الدين.
فهذه كلمتي إلى إخواني العلماء والفقهاء والدعاة في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. في دورته الخامسة والعشرين، المنعقدة في إسطنبول بجمهورية تركيا الحبيبة.
أتقدم بتحيتكم جميعا بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. "وبعد":
كنت أود أن أكون بينكم في هذه الدورة المباركة.. أسعد بلقياكم، وأتبادل معكم المناقشات والآراء حول قضايا هذه الدورة، والتي خصصت للحديث عن فقه العيش المشترك في أوروبا تأصيلًا وتنزيلًا، وهو موضوع من الأهمية بمكان في هذا التوقيت وهذه القضايا مما استفيد من مناقشاتها وأبحاثها، المقيمون في بلاد الغرب خاصة، والمسلمون عامة.
غير أنني أشعر ببعض الإجهاد، مما لم أتمكن معه من تحمل عناء السفر، فالمرء يصح ويمرض، ويقوى ويضعف، ويقدر ويعجز، وهذه سنة الله في خلقه، وهذا حال كل مخلوق في هذه الحياة.
ومع تغيبي عنكم فإني أرى في كل منكم عالمًا كبير الشأن، عظيم القدر لا تعوزه القدرة على تخطي الصعاب، وتحمل الأعباء، وأرى أن كل منكم جدير بحمل هذه الأمانة التي حملها الله إياكم فرفع بها شأنكم، {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (المجادلة: 11).
وأخذ عليها ميثاقكم {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} (آل عمران: 87)، وأرشد الخلق على سؤالكم فيما أُشكل عليهم {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (النحل: 43).
وقد أرسلت إليكم بحثي حول "فقه العيش المشترك... المواطنة نموذجاً" فالحديث حول موضوع المواطنة والاندماج بالنسبة للأقليات المسلمة في الغرب وغيرها؛ من الأمور ذات الأهمية الكبرى؛ نظرًا لما يدور حول هذه القضية الحتمية من التباسات، وما يثار من تساؤلات، وما تتعارض به الإجابات، لتعارض الاجتهادات، واختلاف الدلالات.
ولي حول هذا الموضوع كتابات عدة منها "الوطن والمواطنة"، و"الحرية الدينية والتعددية في نظر الإسلام"، و"مكانة حرية الاعتقاد والفكر والتعبير في الإسلام"، و"فقه الأقليات المسلمة"، وغير ذلك من بحوث ومؤلفات، وقد أعددتها من قبل، فلا بأس أن ننهل منها بعض ما يناسب المقام.
أسأل الله تعالى أن يجعل يومكم خيرًا من أمسكم، وغدكم خيرًا من يومكم، وأن يوفقكم الله تعالى لما يحب ويرضى.