جاسم ربيعة
تابع المخلصون بكل أسى ما يدور من نقاش بين الشيخ الداعية يوسف القرضاوي وبين الداعية الشيخ حسين فضل الله، وآلمني أن ما ورد في وكالة مهر الإيرانية للأنباء، فقد شنت هجوماً حاداً على القرضاوي متهمة إياه بـ''معاداة آل البيت''.
إنها كلمة كبيرة وقوية ومؤثرة لكنها ليست في مكانها المناسب لا زماناً ولا مكاناً ولا شخصاً، كيف تطلق مثل هذه السهام جزافاً بلا روية ولا تفكر، من ذا الذي يعادي آل البيت اليوم على وجه الأرض من المسلمين، إنها أفكار باتت في ذهن البعض لأهداف دنيوية دونية لا تلبث أن تنقشع.
والغريب العجيب أن خبير الشؤون الدولية للوكالة، حسن زاده، اتهم القرضاوي بأنه يتحدث نيابة عن زعماء الماسونية العالمية وحاخامات اليهود، وطالبه بأن يترك ''العصبية الجاهلية ضد شيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ''وقال إن الشباب العربي أصبح يتوجه الآن نحو المذهب الشيعي الثوري''.
ولا نعلم على وجه الدقة إن كان هناك مذهب شيعي ثوري وآخر غير ثوري، كما اعتبرت الوكالة أن التوجه نحو المذهب الشيعي يأتي ضمن ''معجزات أهل البيت عليهم السلام التي لا يدركها إلا أولو الأبصار،'' ودعت القرضاوي بأن ''يتقبل الأمر الواقع ويترك معاداة أهل البيت عليهم السلام ويستغفر ربه، على حد قولها.''
كلام كبير وخطير ما ورد في تقرير لوكالة cnn، ونحن كجمهور المسلمين نستغرب أن جماعة تحمل لواء الدفاع عن آل البيت تشيع مثل هذه الأقوال الباهتة، نقولها للمرة المليون وبالفم المليان أن السّنة كلهم بلا استثناء لا يعادون أهل البيت مطلقاً ولا أدرى لماذا هذا الإصرار على اتهام السنة بمعاداة أهل البيت، ولا نرى حقيقة كيف تسلل هذا المفهوم للبعض، ثم إن كل مسلم اليوم يدعو إلى الدين الصحيح والدين الحق الذي لا يشوبه نقيصة هو ما جاء به رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام بلا زيادة ولا تحريف، فما بالنا اليوم نضيف للإسلام بما هو ليس منه ونقول إنه من الإسلام، لنَعرض جميع ما نختلف عليه على أصول الإسلام ونبحث عن فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن السنة هي كل ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير، لم يأت عليه الصلاة والسلام لنكون شيعة أو سنة، إنما على منهاج محمد عليه الصلاة السلام وآل بيته الكرام وصحبه العظام ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ''عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ''، فالواجب على المسلمين سنة وشيعة أن يتحدوا ويتقاربوا ويدعوا الخصام والجدال وليكن الحكم فيما نختصم فيه هو قرآننا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، فكل عمل لم يفعله عليه الصلاة والسلام ونقدمه اليوم على أنه سنة مرفوض غير صحيح، فالسنة هو ما جاء عنه فقط وزاد عليه الصلاة والسلام الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، ثم ما هي مصلحة السنة في أن يتسع المد الشيعي أو ينقبض وينكمش.
ما يحدث هو مزيد من الانقسام والتفرق والتشرذم، ويشهد الله أن الشيخ القرضاوي سعى في سبيل توحيد المذاهب الإسلامية والتقريب بين المذاهب كثيراً ولسنين عديدة، لكن حينما رأى أن الجهود الجبارة التي تبذل للتفريق بين المسلمين والكتب التي توزع تتصدر موضوعاتها سب أبا بكر وعمر وعثمان هذا عدا الأشرطة التي تُتهم فيه السيدة عائشة بأفظع الاتهامات ثم نقول نحن ندعو إلى هذا التوجه الذي يسب السيدة عائشة ويتهم عمر وأبا بكر، فهذا لا يليق على الإطلاق والمطلوب مراجعة المواقف تماماً.
من هذا المنطلق تريث الشيخ القرضاوي ووقف أمام المد الإيراني وتمدده في أفريقيا لأنه يحمل صبغة السب والشتم في زوج النبي عليه الصلاة السلام وخلفائه الراشدين، ولعل كل منصف عاقل لا يرضى بما يقال عبر الكتب وفي المواد السمعية والبصرية وعبر الفضائيات، وقد أعجبني الكاتب الصحافي سعيد محمد حينما وقف أمام الجميع في مسجد علي بن أبى طالب في منطقة الدير وطالب بأن يبتعد الجميع عن التأجيج الطائفي والبعد عن تجريح الصحابة وزوجات الرسول وقال نحن لا نقبل بذلك مطلقاً، وهذا ما دعا الشيخ القرضاوي إليه مؤخراً، فهل أخطأ الشيخ!!
...........
- نقلا عن موقع بوابة الوطن الإخبارية