إن من دعا إلى الله دعوة صادقة يوفقه الله ويصرف قلوب الناس إلى محبته وتتوجه إليه مستفيدة منه وتقبل على الله عن طريق توجيهه ونصحه وعلمه ويصبح منارا يقتدي الناس بهديه وتجله وتقدر سعيه وكفاحه هذا هو شيخنا العلامة يوسف القرضاوي أحد نجوم علماء العصر الذي حمل هموم الأرض وأمته يتمزق ألما وحسرة بما يصيب المسلمين حاملا الأمانة ينقل للناس الحقائق.
والدعوة إلى الله دعوة هداية لا ضلال، مفاتيح خير لا شر عكف على العلم مؤلفا كتبا وملقيا خطبا معطيا دروسا ومواعظ يقيم منتديات ومجالس علم أكرمه الله بالقرآن تلاوة وفهما وتطبيقا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين يجوب العالم شرقا وغربا ناشرا دين الله معلنا كلمته ناصرا للحق مدحضا للباطل في وقت بلغ الاجرام والعدوان والظلم مبلغه على أرض الإسلام والمسلمين فأراضيهم استبيحت ودماؤهم أهدرت قتلوا ومزقوا شيوخا وأطفالا رجالا ونساء صباح مساء وعلى مدار الساعة بآلات حرب فتاكة دخلت بلدانهم عنوة لتصبح المناظر مأساوية جثث مضرجة بالدماء أشلاء مبعثرة بيوت مهدمة أشجار مقلعة بكاء وصراخ وعويل شيوخ وأطفال ونساء ورجال استهدفوا ظلما وعدوانا في أوطانهم وبيوتهم ومزارعهم وقرارهم دون ذنب وجريمة إلا أنهم مسلمون، أليست هذه حقيقة فالفضائيات تنقل القليل من الكثير والأخفى أعظم وأشد، هذا حال أمة الإسلام التي أطبق عليها الصمت ترى وكأنها لا ترى تسمع آهات وصرخات الأرامل والأطفال والنساء والشيوخ ترى النعوش فوق الرؤوس ترى الدموع والأحزان ترى الحيرة والخوف على كل شفة وما من مجيب.
هذا حال الأمة، المشاهد تتكرر صبح مساء أصبحت مألوفة تبلد الإحساس وأصبحت اعتيادا في وقت ترى من هم من بلاد الكفر والعدوان يستنكرون هذا الظلم والعدوان بالمسيرات واللافتات منددين ومطالبين بوقف هذا العدوان والانتهاكات الصارخة ومن رحمة الله لهذه الأمة تجد فضيلة الشيخ يحمل جذوة هذه الدعوة والنضال ينطق بلسان حالها مناديا ومبينا ومستهجنا ومستغيثا ومستنكرا ينادي على كل منبر وفي كل منتدى وجمع بوقف هذه المجازر والاعتداءات وهذا السيل من الدماء والدمار والتصفيات التي لم ترحم شابا مجاهدا ولا شيخا مسنا مقعدا، ولقد كانت جهوده مضيئة عادلة فلا غرابة من خصومه أعداء الإسلام أن يمنعوه من دخول بلادهم والتآمر عليه ان ينقلبوا صاغرين تكريما واجلالا لشخصه. فالدعوة للحق واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وهذا إلهام من الله ان يضع الهيبة والاجلال والتكريم في قلوبهم كما ألهم أم موسى قذف ولدها الرضيع في البحر لتنجيه من الموت ولو لم يكن الهاما فهل نجد أما تخاف على ولدها من الموت وتقذفه في البحر وهو رضيع وكما ألقى في قلب فرعون محبته وتكون نهايته على يده.
أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى فهي التطاول على الشيخ وعلى الأمة الإسلامية قاطبة التي طعنت شر طعنة، فكيف ضاق هذا الوسع والاتساع وكيف صمت آذان هؤلاء عن الصراخ والعويل عن القنابل والصواريخ وعن الظلم والعدوان واستهداف علامة من علماء العصر في فتوى تم تأويلها والتدليس فيها ظلما وزورا من أناس ليسوا أهلا للرد على فتاوى أهل العلم المشهود لهم، لو استشعر هؤلاء أنفسهم مكان اخوانهم وما يتعرضون له من بلاء لخروا على أرجل الشيخ، أما علمتم ان أكبر عقاب يعاقب به الإنسان يوم القيامة قوله تعالى: «كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون» لذا من واجب هذه الأمة وعلى كل عين بذاتها ان تستنكر هذا التطاول بما أوتت من قوة وقدرة وسلطان وجاه وعلم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان» وقوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان» فلابد من أقلام مضادة تدافع عن الحق وأهله. أما فضيلة الشيخ فهو كمعدن الذهب لن تزيده النار إلا تلألؤا وبريقا وكلمة البداية هي النهاية «إذا كان الله معك فمن عليك» وإن الله هو الولي
قال تعالى: «الله ولي الذين آمنوا» وقال تعالى: «ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» وان الذي حفظ نبينا يوسف عليه السلام حين ألقاه اخوانه في الجب وبيع في سوق الرقيق جعله عزيز مصر فالمتولي والحافظ هو الله.
- المصدر: جريدة الشرق القطرية