السؤال: ما الحكم في أنواع التأمين المختلفة؟

 جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..

أولًا أحب أن أقول: لا يوجد فقيه واحد أباح التأمين إباحة مطلقة، فلم يفتح أي فقيه الباب على مصراعيه، أعظم مَن قال بإباحة التأمين وأشهرهم وأبلغهم هو الفقيه العلامة الشيخ مصطفى الزرقا حفظه الله، هو أول من نادى بذلك بقوة، وكتب فيه كتابًا، وكان ذلك في المؤتمر الذي عقده المجلس الأعلى للآداب والفنون أيام الوحدة بين مصر وسوريا وقدم هذا، ثم قدمه للمؤتمر الاقتصادي الذي عقد سنة 1976م في مكة المكرمة وطوره وأصبح له كتاب كبير في هذا، هو لم يقل بإباحة التأمين الحالي بعُجَرِه وبُجَرِه، لا.. هو يقول: لا بد أن نخلّصه من الشوائب.

الفقهاء الذين تحدثوا في قضية التأمين:

الشيخ الزرقا، ومثله الشيخ الخفيف رحمه الله، ومثله الشيخ عبد الله بن زيد المحمود هنا في قطر له رسالة في أحكام التأمين، وهؤلاء طبعا الذين أجازوا التأمين من حيث هو عقد؛ يعني قالوا: التأمين كعقد لا غبار عليه، إنما الذي لم يجزه التأمين من حيث التطبيق الحالي، فإذا استطعنا أن نزيل الربا فمن الممكن أن يدخل فيه الربا، وممكن الشركة نفسها تتعامل بالربا، نزيل الشروط الفاسدة، إذا كان هناك غرر فاحش نحاول أن نقلل من هذا الغرر..

بعض شركات التأمين تستغل حاجة الناس إلى هذا التأمين؛ فترفع من قيمة التأمين، وتأخذ أشياء كثيرة جدًا وتربح أرباحًا هائلة، ليس فقط بقدر التكلفة وتربح ربحًا مقبولًا، لا بل تربح ربحًا كبيرًا جدًا والناس مضطرون؛ فالذين أجازوا هذا قالوا: لا بد لكي يكون التأمين حلالًا، وهم يرون أن العقد لا حرج فيه في حد ذاته، يقولون لك: لا بد أن نخلّصه من شوائبه هذه حتى يكون حلالًا.

هناك من يمنعون التأمين التجاري والتأمين عن الحياة، وأكثر الفقهاء يمنعونه وأنا منهم، إنما التأمين على الأشياء على الأموال على الممتلكات أقرب إلى الحِل، حتى إننا كنا في سنة 1972م في ندوة في ليبيا دعت إليها الجامعة الليبية وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية والعربية هناك، وكان من ضمن الموضوعات التي بُحثت في هذه الندوة كان موضوع التأمين، والجميع قالوا: لا داعي للتأمين على الحياة، إنما التأمين على الممتلكات يجوز في عصرنا، إلى أن يوجد البديل الإسلامي الخالص، وهنا المفروض أن تكون محاولاتنا في البديل الإسلامي..

والبديل الإسلامي هو التأمين الذي يطلق عليه "التأمين التعاوني" الذي لا يكون القصد فيه الاسترباح؛ فشركات التأمين هي شركات تحاول أن تربح، تربح من حاجات الناس إلى الأمن فهي تربح، وتربح أرباحًا فاحشة؛ فالفقهاء في عصرنا حاولوا أن يوجدوا البديل، وهذه مهمة الفقه، بدل أن يقول للناس هذا حرام.. قالوا البنوك الربوية حرام، فماذا نفعل؟ هاتوا بديلًا.

وكانوا يقولون: مستحيل أن يوجد بديل، فلا تحلموا باقتصاد بغير بنوك ولا بنوك بغير فوائد، ولكن أمكن عمل بنوك بغير فوائد، وقام البديل عن البنوك الربوية، يبقى أيضا إيجاد البديل عن شركات التأمين الربوية التي هي جزء من النظام الرأسمالي الذي ورثناه -فيما ورثناه- عن الاستعمار؛ فنحن لم ننشئ هذه الأشياء، نحن ورثنا هذه الأشياء، كان الاستعمار في بلادنا وأنشأ هذه الأشياء، وورثنا هذه الأشياء من تراث الاستعمار، البديل هو التأمين التعاوني.

 والله أعلم