د. يوسف القرضاوي

خلق الله الناس على حالة يحتاج فيها بعضهم إلى بعض، فليس يملك كل فرد كل ما يهمه ويكفيه، بل يملك هذا بعض ما يستغني عنه، ويحتاج إلى بعض ما يستغني عنه الآخرون، فألهمهم الله أن يتبادلوا السلع والمنافع بالبيع والشراء وسائر هذه المعاملات حتى تستقيم الحياة، ويسير دولابها بالخير والإنتاج.

 

وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وللعرب أنواع من البيع والشراء والمبادلات، فأقرهم على بعضها، مما لا يتنافى ومبادئ الشريعة التي جاء بها. ونهاهم عن البعض الآخر مما لا يتفق وأهدافها وتوجيهاتها. وهذا النهي يدور على معان منها: الإعانة على المعصية والغرر والاستغلال، والظلم لأحد المتعاقدين، ونحو ذلك.

 

فما جرت العادة بأن يقتنى لمعصية حظرها الإسلام، أو يكون الانتفاع المقصود به عند الناس نوعا من المعصية، فبيعه والاتجار به حرام، كالخنزير والخمر والأطعمة والأشربة المحرمة بعامة، والأصنام والصلبان والتماثيل ونحوها، ذلك أن في إجازة بيعها والاتجار فيها تنويها بتلك المعاصي، وحملا للناس عليها أو تسهيلا لهم في اتخاذها، وتقريبا لهم منا.

 

وفي تحريم بيعها واقتنائها إهمال لها وإخمال لذكرها، وإبعاد للناس عن مباشرتها. ولذا قال عليه السلام: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام". وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه".

...................

* من كتاب "الحلال والحرام في الإسلام" لفضيلة العلامة.