السؤال: ما أقل مدة لمن يريد أن يؤدي الحج بأسرع وقت ممكن، فهناك رجل ظروفه لا تسمح له بالبقاء عدة أيام في أرض المناسك، فما الذي يلزمه ولابد من وقت لأداء شعائر الحج؟

جواب سماحة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..

يستطيع المسلم أن يؤدي مناسك الحج الأساسية التي لا تجوز فيها الإنابة، ويلزم أن يؤديها بنفسه في أقل من أربع وعشرين ساعة، على أن يذهب إلى الحج في اليوم التاسع صبيحة أو ضحى "يوم عرفة" وينوي الحج مفردًا أو قارنًا، يقول: لبيك اللهم حجًا، إذا كان مفردًا، أو لبيك اللهم حجًا وعمرة إذا كان قارنًا، فيجمع بين النسكين ويكون له ثوابهما، وعليه هدي: شاة يذبحها.

وفي هذا اليوم - يوم عرفة - يكون المطاف والمسعى فارغين، فيطوف ويسعى بسهولة ويسر، ثم يذهب إلى عرفات، فيصلي الظهر والعصر جمع تقديم إذا وصل قبل العصر، وهذا هو الأولى، أو جمع تأخير إذا وصل بعد العصر.

ويظل في عرفات ذاكرًا مُسبِّحًا مهللًا مكبرًا ملبيًا داعيًا بما تيسر له من الدعوات المأثورة، حتى تغرب الشمس، فينفر مع الحجيج من عرفات إلى مزدلفة، ويصلي في مزدلفة المغرب والعشاء جمع تأخير، ويتناول فيها طعام العشاء، ويمكنه أن يغادر بعدها على مذهب مالك، والأفضل أن يبقى حتى يظهر القمر، أي حوالي منتصف الليل، ثم يغادر مزدلفة - كما هو مذهب الحنابلة - مع الضعفة من الشيوخ والنساء والصبيان وأمثالهم، ويذهب إلى منى لرمي "جمرة العقبة" ويحلق أو يُقَصِّر، ثم ينزل إلى مكة، ويطوف طواف الإفاضة، وهو ركن في الحج، وقد أنهى كل أركان الحج وفرائضه الأساسية.

ويمكنه أن يسافر بعد ذلك، وما بقي من أعمال الحج يُنيب عنه من يقوم به، ويجبره بدم (ذبح شاة) عن كل عمل أو "سُبْع بقرة" فيوكل من يذبح عنه، ومن يرمي عنه الجمرات الثلاث في اليوم الثاني واليوم الثالث للعيد، فعليه هدي عن القران إن كان قارنًا بين الحج والعمرة، وهدي بدل المبيت في منى، وهدي عن الإنابة في الجمرات، ويمكنه أن يذبح بقرة عن هذا كله، وما يفضل فهو صدقة منه.

وهذا هو أسرع حج ممكن، وهو مقبول إن شاء الله لمن احتاج إليه، وما جعل الله على عباده في الدين من حرج.