السؤال: انتقلت زوجتي إلى رحمة الله تعالى، بعد عشرة دامت نحو أربعين سنة ورزقني الله منها البنين والبنات، وبعد وفاتها وجدت في تركتها كمية كبيرة من الحلي، بعـضها من الجواهر والأحجار الكريمة من الماس واللؤلؤ والعقيق ونحوها، وبعـضها من الذهب.

ولم نستطع التصرف في هذا الحلي، بتوزيعه على بناتها، فهن موســرات وزوجات لموسرين، وعندهن من حليهن الخاص الكثير والكثير، ولا ببيعه، فهذا صعب وشاق على نفسي وعلى جميع أبنائها وبناتها.

فما حكم هذا الحلي؟ وهل تجب فيه الزكاة؟ وهل يكون وجوبها إذا وجبت في كل حول؟ أرجو الإفادة وفقكم الله ونفع بكم.

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبعه إلى يوم الدين،وبعد:

من المعلوم أن الفقهاء اختلفوا في زكاة الحلي للنساء إذا كان من الذهب والفضة.

فمذهب أبي حنيفة يوجب الزكاة فيه إذا بلغ نصابًا بنفسه أو بمال آخر عند مالكه.

ومذهب الأئمة الثلاثة ـ فيما كان من الحلي مباحًا مستعملاً معتادًا ـ عدم وجوب الزكاة فيه.

وهـذا هـو الذي أرجحه وأفتى به، لأدلـة واعتبارات، فصلتها في كتابي: "فقه الزكاة".

وفي قضيتنا هذه نرى الحلي هنا نوعين:

1 ـ الحلي من الجواهر والأحجار النفيسة من الماس ونحوه، وهذه في الأصل معفاة من وجوب الزكاة، إلا أن تتخذ للاكتناز والادخار.

2ـ وحلي الذهب، هنا نراه ـ كما وضّح السؤال ـ مخزونا غير مستعمل، فهو ثروة مكنوزة، بمثابة كمية معطلة من النقود.

وهي ملك الورثة، ومنهم الزوج، فإذا بلغ نصيب كل واحد منهم نصابًا بنفسه أو بمال آخر عنده ـ والنصاب يقدر بـ (85) جرامًا من الذهب ـ وجب على كل منهم أن يزكي نصيبه. والزكاة هنا حولية بلا ريب، ففي كل سنة قمرية يقوّم حلي الذهب: كم تبلغ قيمته لو أريد بيعه، ويخرج ربع عشر قيمته، أي (2.5%) منها. ويستمر هذا في كل حول إلى ما شاء الله.

ومعنى هذا: أن على الورثة أن يدفعوا من أموالهم الخاصة زكاة هذه الحلي المعطلة حتى يتصرف فيها.

وأولى من هذا وأنفع للحي والميت أن تباع هذه الحلي، ويجعل ثمنها صدقة جارية على المتوفاة، يبقى لها أجرها، ما انتفع بها كائن حي إلى يوم القيامة.

كما أن الزوج والورثة الذين يقومون بهذه الصدقة أو هذا الوقف الخيري لهم أجرهم ومثوبتهم بما قدموا من خير. ولا يضيع الله أجر من أحسن عملاً.