أمام المشاهد المؤلمة للمهاجرين السوريين، الذين مات بعضهم في البحار، ودفعت أمواجها أجسادهم إلى الشواطئ، وأمام المخازي والإذلال، والإهانة التي تقابل من بقي على قيد الحياة في الحدود، والأسلاك الشائكة وهم يحملون أطفالهم وشيوخهم ويستنجدون ويستصرخون دون مجيب (ولا حياة لمن تنادي)، صرح الأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين أ.د. علي القره داغي بما يأتي:
أولاً: أن الله تعالى جعل المؤمنين أمة واحدة، وأنهم يجب أن يكونوا كالجسد الواحد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى". وبناءً على ذلك فإن واجب الإسلام يقتضي أن يكون لدى كل فرد (حاكماً أومحكوماً) الإحساس بالأخوة والمسؤولية وأن لا يهدأ له بال، ولا يحسّ بطعم الراحة مادام أحد إخوانه في مأساة أو ذل أو فقر أو مجاعة، فقد دلت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة الشريفة أن ذلك واجب يسأل الله عنه يوم القيامة ويعاقب من سكت عنه، ولم يشارك فيأداء ما عليه في الدنيا، بالفتن والمصائب (وَاتَّقُوافِتْنَةً لَّاتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَن اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) {الأنفال:25} لذلك نهيب بأولي الأمر في بلاد الغرب والإسلام، والأغنياء، والإعلاميين، والعلماء، بواجبهم، كل في مكانه، وبمقدار مسؤوليته وقدراته.
ثانيا: وبناءً على ما سبق فإننا باسم الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين نطالب الحكومات الإسلامية وبخاصة الحكومات العربية أن يهبوا هبة واحدة لإنقاذ إخواننا اللاجئين، والمهجرين، والنازحين، من خلال القيام بترتيب مخيمات كبيرة مناسبة في البلاد العربية لهؤلاء المهجرين وإسكانهم فيها، مع توفير الحياة الكريمة لهم. فالله الله الله في كل هذه الأرواح التي تخرج خوفا من براميل الموت في سوريا، فيموت بعضها في البحار ويذل البعض الآخر ويهان بالصورة التي يندى لها جبين الظلمة. فوالله تعالى إن الله تعالى لسألنا عن هذه الأرواح والكرامة إذا ما قمنا بالواجب.
ثالثا: نناشد الضمير الإنساني في أوربا بقبول هؤلاء اللاجئين الناجين من أهوال البحار بصورة مشّرفة تليق بكرامة الإنسان وحقوقه التي طالما نسمع عنهم وهم يرددونها ويجعلونها مقياسا للحضارة. وهنا لا ننسى أن نشكر كل من يقف مع هذه القضية العادلة، ونثمن دورهم الإنساني المنشود.
رابعاً: أمام المآسي والمصائب والفتن وأثرها في مئات الآلاف من الأرواح، وتشريد نصف الشعب السوري طوال خمس سنوات، فهل بقي أمل من إصلاح النظام الذي لا يهمه شعبه أبدا. لذلك نؤكد على أن الحل الوحيد هو القضاء على هذا النظام القاتل بأسرع وقت ممكن، فتلك مسؤولية جميع الدول الإسلامية والعربية والعالمية.
"وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ" {الشعراء:227}
أ.د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام