السؤال: نحن شركة سياحية تعمل في مجال الفنادق والقرى السياحية، ولدينا العديد من الفنادق والقرى السياحية، ونحن لا نقوم بتقديم الخمور لروادنا بالرغم من وجود رخصة تقديم الخمور لدينا، ولكن نظرًا لطبيعة العمل فالعديد من النزلاء يقوم بطلب الخمور، ولعدم تقديمها انخفضت تبعًا لذلك نسبة النزلاء، بل إن العديد من الأفواج الأجنبية يشترط أولًا تقديم الخمور، وهناك عرض بأن يقوم شخص من خارج نطاق العمل ـ أجنبي عن الشركة ـ سوف يقوم بعملية شراء الخمور وتقديمها وبيعها داخل الفندق وتكون عملية البيع والشراء والخدمة والإشراف على بيعها عن طريقه هو، (مما يضعها خارج نطاق دائرتنا)، ولن تقوم شركتنا بتقاضي أية مبالغ مقابل ذلك أو تحصيل أية أموال من ذلك الشخص تحت أية مسمى.

ولقد شرفنا بمقابلة فضيلة شيخ الأزهر وأخذنا مشورته حيث كان رأي فضيلته أنه لا جناح علينا طالما أننا خارج نطاق الدائرة، وحيث إنه رغبة منا في قطع الشك باليقين وزيادة في الحرص على البعد من دائرة الشبهات؛ رأينا أن نتوجه لسيادة السيد الدكتور/ نصر فريد واصل مفتي الجمهورية (مصر) بالسؤال عن مدى مشروعية ذلك العمل وصحة تلك الفتوى، والذي أشار علينا بعدم جواز ذلك العمل وبأننا نقع في دائرة التحريم.
والآن أمامنا رأيان ولا ندري بأيهما نأخذ؛ لذا فقد رأينا أن نلجأ لفضيلتكم لما عرف عنكم من السماحة ورجاحة العقل؛ لترشدونا إلى الرأي القويم.
وجزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خير الجزاء.

جواب سماحة الشيخ:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..

فإن للإسلام فلسفة معلومة في محاربة المنكر والفساد، وهي تقوم على حصاره وإغلاق الأبواب دونه بكل سبيل؛ ولهذا لم يكتف الإسلام بتحريم الشر والمنكر؛ بل حرّم كل ما يؤدي إليه، أو يساعد عليه؛ ولهذا اعتبرت من القواعد والمبادئ الأساسية في شأن الحلال والحرام: القاعدة التي تقول: "ما أدى إلى حرام فهو حرام".

ودليل هذه القاعدة أن الله تعالى يقول في القرآن: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (النساء: 140).

وقد أُتي إلى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز بجماعة شربوا الخمر، ليقام عليهم حد السكر، وقيل له: يا أمير المؤمنين، إن فيهم رجلًا لم يشرب معهم، وإنما كان جليسًا لهم، بل هو صائم، فقال عمر: به فابدأوا، وتلا الآية السابقة: {إنكم إذًا مثلهم}.

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يلعن "آكل الربا" وحده؛ بل لعن معه مؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء، كما لم يلعن شارب الخمر وحده؛ بل لعن فيها عشرة، منها عاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، والمقصود كل من يُعين على شربها.

ولا شك أنكم بإتاحتكم شُرب الخمر في فنادقكم تُعينون على شربها وتناولها، من أجل كسب مادي، وعرض دنيوي زائل.
فما ذكره الدكتور مفتي الجمهورية هو الصواب، وهو مبني على فقه صحيح.

أسأل الله تعالى أن يكفيكم بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبفضله عمن سواه.