السؤال: أنا عَلىَّ كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، فهل أطعم المسكين يوماً كاملا أو وجبة واحدة فقط؟ وهل يجوز أن تعطى الكفارة لأكثر من عشرة مساكين أو أقل؟
جواب فضيلة الشيخ:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المطلوب في الكفارة ـ وفقاً للآية الكريمة ـ إطعام عشرة مساكين. وهذا الإطعام يأتي بواحد من أمور ثلاثة:
إما أن يطعمهم بالفعل بأن يغذيهم ويعيشهم وجبتين كاملتين إلى درجة الشبع من أوسط ما يطعم أهله. كأن يطعمهم مرة أرزاً ولحماً، ومرة أرزاً فقط. وقال بعض العلماء: يكفي وجبة واحدة، والأول أولى .
والأمر الثاني: أن يملك كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر ونحوهما، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين ذكرهم ابن كثير في تفسيره. وقال أبو حنيفة: نصف صاع من بر وصاع كامل من غيره، مثل صدقة الفطر .
وعن ابن عباس: مد من بر ـ يعني: لكل مسكين ـ ومعه إدامه، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين .
ومذهب الشافعي في كفارة اليمين مد، ولم يعرض للأدام .
ومذهب أحمد: أن الواجب مد من بر أو مدَّان من غيره .
والثالث: أن يدفع قيمة الطعام إلى المساكين نقداً، وهذا جائز عند أبي حنيفة وأصحابه .
فأي هذه الطرق يتيسر له عمل به .
وإذا كان لابد من ترجيح بين هذه الطرق الثلاث، فأنا أرجح الطريقة الأولى: طريقة الإطعام المباشر؛ لأنها أقرب إلى لفظ القرآن الكريم: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (المائدة:89)، ولابد من التقيد بالعدد الذي ذكره القرآن وهو العشرة، فلا يحسن إعطاء طعام العشرة أو قيمته لمسكين واحد، لأن ذلك مناف لظاهر النص القرآني وإن أجاز ذلك الحنفية.
ويلوح لي ـ والله أعلم ـ أن للشارع حكمة في كثرة عدد المساكين في الكفارات، حتى بلغ في بعضها ستين مسكينا، وإعطاء الطعام المفروض لواحد من العشرة أو الستين مخل بهذه الحكمة، فإن لم يكن في البلد إلا أقل من عشرة فحينئذ يجوز إعطاؤهم، رعاية للضرورة، ورفعاً للحرج.