السؤال: هل يمكن للمرأة أن تكون هي قيمة البيت، وما النظرة الصحيحة لحقوق وواجبات المرأة؟

 

الجواب:

 بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:

فقد جعل الإسلام القوامة للرجل، وليس للمرأة، والمشكلة أن كثيرا من الناس يقع إما في الإفراط أو التفريط، فإما أن يترك كل شيء للمرأة، أو أن يهمل المرأة، وكلاهما مرفوض، ولابد أن تنظر المرأة إلى واجباتها قبل النظر إلى حقوقها، ولا ننظر إلى الغرب في كل شيء، ففي الإسلام كفاية لحماية حقوق المرأة .

 

 يقول فضيلة الشيخ:

نجدُ الآن إمَّا رجلا يُهْمِل امرأته تمامًا، وإمَّا رجلا يُسَلِّم لها الزِّمام، فتُصْبِح المرأة هي سيدة البيت ـ بما فيه الرجل ـ وهي المُتَصَرِّفة في كل شيء، والرجل لا يفعل شيئًا، ولا يحكم على شيء. لم يقل الله ـ سبحانه ـ: النساء قَوَّامات على الرجال، وإنما قال: (الرجالُ قَوَّامُونَ على النِّساءِ) (النساء: 34)، فالرجل الذي يعيش في بيته ولا أمر له ولا رأي، ولا يستطيع أن ينفِّذ شيئًا، وإنما المرأة هي التي تَتَحَكَّم فيه، هذا ليس رجلا. نجد الإفراط والتفريط في هذه الأمور كلها. الذي نريده هو الأمر الوَسَط، وهذا الوسط هو الاعتدال الذي جاء به الإسلام.

 

 ومن هنا نريد مسلمة الغد..

المسلمة المُعتدلة التي تُؤَدِّي واجباتها كما تُطَالِب بحقوقها، بل تُؤَدِّي الواجبات قبل أن تطالب بالحقوق. هذا العصر تَسُودُه مُوضة فكرية، ألا وهى طلب الحقوق قبل أداء الواجبات. كل إنسان يقول: ماذا لي، قبل أن يقول: ماذا علىَّ. فالمرأة تُطالب بحق التعليم، بحق العمل، بحق الانتخاب، بحق الترشيح.. ولا تقول: ماذا يجب أن أفعل!

 

الحقوق قبل الواجبات، والعِناية بالمَظْهَر قبل المَخْبَر، والعناية بالجسم قبل الروح، والعناية بالشارع قبل البيت!! هذا هو طابَع المرأة العصرية. ذلك أننا أخذنا هذه الأشياء من الغَرْب ومن المرأة الغربية، وتقليد المرأة المسلمة للمرأة الغربية لا ينبغي أن يكون؛ لأن لكل منهما خصائصها.

 

 المرأة الغربية لها طبيعتها، لها عقيدتها، لها مواريثها من القِيَم والتقاليد، لها بيئتها المختلفة.. ونحن لنا تراثنا وقيمنا وتقاليدنا، فلا ينبغي أن تُقَلِّد المرأة المسلمة في بلاد المسلمين المرأة الأوربية أو الأمريكية. المرأة هناك خرجتْ تَعمل وتُزاحم الرجال بالمَناكب في كل ناحية من نواحي الحياة، إنها فعلت مضطرَّةً غيرَ مُختارة، مُسَيَّرة لا مُخَيَّرة.. لأنها لو لم تفعلْ ذلك لهَلَكَتْ ولَمَاتَتْ جوعًا؛ لأنها لم تَجِد مَنْ يُنْفِق عليها، لا أب ولا أخ ولا زوج ولا أي إنسان آخر.

 

هذا ليس في الإسلام.. المرأة في الإسلام هي الأصل؛ إنها مَكْفُولة الحاجات، مَكْفِيَّة النَّفَقات؛ لأنها دائما في كفالة رجل.. إمَّا أبوها إن كانتْ بنتًا، وإما أخوها إن كانتْ أختًا، وإما ابنَها إن كانتْ أُمًّا، وإما زوجها إن كانت زوجة، هي مَكْفِيَّة بهؤلاء، بحُكْم نِظام النَّفَقات في الشرع، ويُلْزَم الإنسان بهذا إلزامًا.  أما هناك في الغرب.. فلا شيء من هذا!

 

 أستاذنا الدكتور "محمد يوسف موسى" ـ رحمه الله ـ كان يتعلَّم في فرنسا؛ ليحصُل على الدكتوراه من هناك، حيث كان يعيش في باريس.. ذكر في كتابه: "الإسلام وحاجة الإنسانية إليه"، يقول: "كنا نعيش في بيت، وكانتْ تَخْدِمُنا فتاة، يَظْهَر من سُلُوكها أنها ذات أصل ونسب، وليست من بنات الهوى ولا من بنات الليل، ولا ممَّنْ يَبِعْنَ عِرْضَهُنَّ، كانتْ تُؤَدِّي عملها بشرَف واحترام، فسألنا صاحبة البيت الذي نَسْكُن فيه عنها، فقالتْ: أَتَعْرِفُونَ المَتْجَر الفُلانِي في الشارع الفلاني ـ وهو من المَتاجِر الكبيرة المشهورة ـ؟ فقلنا: نعم.

 

قالت المرأة: هذا عمها وهى ابنة شقيقه فَعَجِبْنا، وقلنا لها: عمها هذا التاجر الثَّرِي، ويَتْرُك ابنة أخيه تَخْدِم في المنازل؟ فلْتَرْفعْ عليه دَعْوى ليُحْكَم عليه بالنفقة ولا تُضطَّر إلى الخدمة في البيوت. فابتسمت المرأة، وقالت أي قانون يَحْكُم لها؟! وهل عندَكم مثل هذا النِّظام؟! قلنا: نعم، عندنا… وتستطيع مثل هذه الفتاة أن تَرْفَع دعوى على عمها، ويُجْبَر على دفع النفقة إجبارًا.

 

فقالت المرأة: لو كان هذا عندنا لَما رأيتم هذه الطوابير من الفتيات والنساء اللواتي يعملن في المصانع والمتاجر والمؤسسات من الصباح الباكر! إن ما أجْبَرَهُنَّ على مثل هذا أنَّهُنَّ لم يَجِدْنَ مَنْ يُنْفِق عليهنَّ!". هؤلاء الناس إذنْ لهم قِيَمُهم وشرائعهم وتقاليده، كيف نفعل مثلما فعلوا، ونقول: إن المرأة يجب أن تَعمل كما يعمل الرجل تمامًا؟

 

لا مانع أن تَعْمَل المرأة إذا احتاجتْ إلى العمل، أو إذا احتاج المجتمع إلى عملها.. كالمُعَلِّمة والطبيبة والمُوَلِّدة. هناك أنواع من الأعمال يَحْتَاجُها المجتمع الإسلامي، وتَلِيق بفِطرة المرأة وطبيعتها.

 إن مشكلتنا إذن هي مُشكلة التقليد الأعمى.

والله أعلم