السؤال: لقد عثرت على هذه الورقة وذهلت لما وجدت فيها، فأرجو من سيادتكم إفادتي عما تحتوي هذه الورقة، وهل هي صحيحة أم غير صحيحة؟ الورقة بتوقيع فاعل خير، وهي عبارة عن وصية قال إنها من الشيخ أحمد حامل مفاتيح حرم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وفيها عظات كثيرة للمسلمين، وفي نهايتها يقول: إن هنالك شخصا في (بمبي) قد وزع ثلاثين ورقة من هذه الوصية ورزقه الله بـ 25 ألف روبية، كما قام شخص آخر بنشرها ورزقه الله ستة آلاف روبية وكما أن شخصا كذب هذه الوصية ففقد ابنه في نفس اليوم، يقول إنه إذا اطلع شخص على هذه الوصية ولم ينشرها فإنه سيصاب بمصيبة كبيرة. فما رأيكم بهذه الوصية؟ وهل هي صحيحة أم غير صحيحة؟
جواب فضيلة الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..
لقد سأل الكثيرون عن هذه الوصية وهي وصية ليست وليدة اليوم ولا بنت الأمس، فقد رأيتها منذ عشرات السنين: وهي تنسب إلى هذا الرجل المزعوم المسمى الشيخ أحمد حامل مفاتيح الحرم النبوي.
وطالما سألنا الناس في المدينة وفي الحجاز عن هذا المدعو الشيخ أحمد وعن وظيفته، فلم نعثر له على أثر ولم نسمع له من خبر، لم يعرف في وقت من الأوقات هذا الشيخ أحمد ولا رآه الناس في المدينة في يوم من الأيام ولم يسمعوا هناك هذا الخبر، ولكن جاء من يشيع في بلاد المسلمين مثل هذه الوصايا المحزنة.
هذه الوصية بما فيها ليس لها قيمة ولا اعتبار في نظر الدين، فبعض هذه الوصية مما لا يحتاج إلى رؤيا يراها الشيخ أحمد ويرى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فيما يزعم، مثل أن الساعة قريبة وأن القيامة ستقوم وأنها قاب قوسين أو أدنى فهذا مما لا يحتاج فيه إلى وصية للشيخ أحمد ولا للشيخ عمر، وأن القرآن قد صرح بذلك وقال: (لعل الساعة تكون قريبا) (الأحزاب:63)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بعثت أنا والساعة كهاتين)(متفق عليه من حديث أنس وسهل بن سعد) وأشار بسبابته وبإصبعه الوسطى. فلسنا بحاجة إلى من يذكرنا بذلك وبعض هذه الوصية كخروج النساء سافرات وانحراف الناس عن الدين لسنا في حاجة إلى من يذكرنا به أيضا فعندنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهما كافيان شافيان مغنيان. وقد قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (المائدة:3)
إن من يظن أن دين الإسلام بعد أن أتمه الله وأكمله في حاجة إلى وصية يوصي بها إنسان مجهول، يكون قد شك في هذا الدين وفي كماله وفي تمامه، ديننا قد تم وقد اكتمل، وليس في حاجة إلى وصية من الوصايا. إن هذه الوصية تحمل في طياتها دليل كذبها ودليل تزويرها، فصاحبها يهدد الناس ويخوفهم إذا لم ينشروها أن تصيبهم المصائب وتحل بهم الكوارث وأن يموت أبناؤهم وأن تفقد أموالهم، وهذا ما لم يقل به إنسان حتى في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لم يؤمر الناس أن كل من قرأ القرآن كتبه ونشره، وأن من قرأ صحيح البخاري كتبه ونشره، وإلا حلت به المصائب، فكيف مثل هذه الوصايا التخريفية؟ هذا شيء لا يمكن أن يصدقه عقل مسلم يفهم الإسلام فهما صحيحا. وتقول الوصية الزائفة: إن فلانا في البلد الفلاني نشر هذه الوصية فرزق بعشرات الآلاف من الروبيات، هذا كله تخريف وتضليل للمسلمين عن الطريق الصحيح وعن اتباع السنن والأسباب التي وضع الله عليها نظام هذا الكون، فالرزق له أسبابه، وله طرائقه وله سننه، أما أن يعتمد الناس على مثل هذه الأوهام وعلى مثل هذه الخرافات، فهذا تضليل وانحراف بعقلية المسلمين.
إننا نربأ بالمسلمين أن يصدقوا مثل هذه الخرافة وأن يظنوا أن من نشر مثل هذه الوصية المكذوبة يختص بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال كاتب هذا الكلام الباطل، فإن شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام لأهل الكبائر من أمته، كما جاء في الأحاديث الثابتة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه)(رواه البخاري) .
نسأل الله عز وجل أن يفقه المسلمين في أمر دينهم وأن يلهمهم الرشد، وأن يعصمهم من تصديق الخرافات والأوهام والأباطيل.