السؤال: سعادة الشيخ الدكتور/ يوسف القرضاوي ... الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نحيطك علمًا بأننا بصدد إنتاج فيلم* يتحدث عن شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي، وحروبه ضد الصليبيين، مما يضطرنا إلى إظهار الصليب في كثير من المشاهد مثل: لباس الجنود الصليبيين، والأعلام الصليبية.

نأمل التكرم بتوضيح هذه المسألة من الجانب الشرعي دفعًا للحرج، علمًا بأننا انتهجنا في عملنا مبدأ من يرى أن ناقل الكفر ليس بكافر.

ختامًا: أسأل الله جلت قدرته أن يجزيكم خير الجزاء وأن يجعل فيما تقدمونه بيانًا شافيًا لما قد يحصل من الإشكال في مثل هذه القضايا التي ينبغي على المسلم أن يتوخى فيها الحذر درءًا للشبهات والمفاسد.

وتقبلوا فائق التحية والتقدير،،،،

 

جواب فضيلة الشيخ:

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الأخ الكريم.. فأود أن أنوه بجهدكم المتميز في مجال الإنتاج الفني، وهو للأسف مجال هزم فيه المسلمون أمام الغزو الثقافي التغريبي والتخريبي، لهذا أدعو الله لكم بإخلاص وحرارة أن يسدد خطاكم، ويثبت على الحق أقدامكم، وينير الطريق أمامكم.

 

أما ما سألتم عنه من عزمكم على إنتاج فيلم عن شخصية القائد المسلم صلاح الدين، وحروبه ضد (الفرنجة) الذين عرفوا بعد باسم (الصليبيين) وأن هذا (يضطركم) إلى إظهار الصليب في كثير من المشاهد مثل أعلام الأعداء، ولباس جنودهم.

 

فالجواب: أن هذا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لأن المقصود من إظهار هذه الصلبان ليس تقديسها ولا تعظيمها ـ وهو ما يحرمه الإسلام على المسلم ويشتد في تحريمه ـ بل المقصود التمييز بين المسلمين وأعدائهم في لباسهم وشاراتهم وفي أعلامهم، وإبراز ذلك واضحًا للمشاهد، وقد عرفت هذه الحروب باسم (الحروب الصليبية) لأنهم اتخذوا (الصليب) شعارا لهم، وجاؤوا من أوربا بقضهم وقضيضهم، رافعين لهذه الصلبان، فمن اللازم أن يبرز ذلك في العمل الفني، حتى تتجلى حقيقة الصراع بين الطرفين المتحاربين.

 

وقد أورد لنا القرآن الكريم في كثير من سوره أقوال المشركين والدهريين واليهود والنصارى والشياطين وغيرهم، وهي أقوال كفر وضلال، ولكن إيرادها ليس مقصودا لذاته، ولا يراد به الترويج لهذه الدعاوى الباطلة، بل للرد عليها.

ومن هنا أخذ علماؤنا قاعدة: أن ناقل الكفر ليس بكافر، لأن القرآن نقل لنا أقوال الكفار والجاحدين.

فسيروا على بركة الله، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

 

....................

 

*يرجع تاريخ الفتوى لسنوات مضت.