الإرهاب هو الذي يقتل الناس البرآء بغير حق ولا يميز بين بريء ومسيء، ويستخدم المدنيين في تحقيق أغراضه، أنا منذ سنين طويلة، أصدرت فتوى بتحريم خطف الطائرات واعتبار ذلك عملاً إرهابياً وعملاً مجرما ومحرماً ولا يجوز، ما ذنب الركاب في الطائرة المخطوفة؟ ربما تكون أنت وربما أكون أنا وقد يكون ابني وابنك أو أخي أو أخوك، قد يكون هؤلاء أحد الركاب، ما ذنبنا حتى تخوف بنا حاكما أو تخوف بنا حكومة أو تهدد بنا آخرين، أو تطلب بنا أشياء وتعرضنا للخطر، لذلك أصدرت فتوى بتحريم خطف الطائرات.
لا يجوز أن يُستخدم المدنيون أدوات للتأثير على الآخرين أو تهديدهم ولذلك لا نجيز أن تستخدم الطائرات المدنية أن تكون أدوات لتهديد الآخرين، ما ذنبي أنا إذا كنت راكباً هذه الطائرة وأنت تريد أن تحقق هدفاً، تقتلني وأنا لم أقدم نفسي؟
الذين كانوا يركبون هذه الطائرات قطعاً أناس لا ذنب لهم، لا ناقة لهم ولا جمل، ولا عنزة لهم ولا حمل فيما يجري. هم أناس مدنيون وبعضهم مسلمون، ما ذنب هؤلاء.
أريد أن تحرروا مشاعركم وتضبطوها بأحكام الشرع، لا ينبغي أن نتجاوب مع كرهنا لأحد أن نجيز مثل هذه الأعمال، هذه الأعمال ندينها ونجرمها، لأن الإسلام يحرم تحريماً قاطعاً ضرب المدنيين أو قتل المدنيين، والنبي صلى الله عليه وسلم، حينما وجد امرأة في إحدى الغزوات مقتولة غضب وأنكر على أصحابه وقال لهم (ما كانت هذه لتقاتل) ، يعني لماذا تقتل؟، إذن لا يقتل إلا من يقاتل، من يحمل السلاح، فهذا هو الإرهاب.
وبنيت هذه الفتوى على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: هو تحريم العدوان على الحياة الإنسانية، يعني حياة الناس وحرمات الناس وحريات الناس لا يجوز لأحد أن يعتدي عليهم في أنفسهم، ولا في أموالهم، ولا حرياتهم بغير حق، حتى لا يجوز للإنسان أن يتجسس على إنسان.. (ولا تجسسوا، ولا يغتب بعضكم بعضا..) يعني معناها إن الإنسان يجب أن يظل في أمان وطمأنينة على حياته كلها.
الأمر الآخر: تحريم تحميل.. وزر الإنسان لإنسان آخر.. القرآن الكريم يقول (أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفَّى ألا تذر وازرةٌ وزر أخرى) يعني هذا أمر قررته كتب السماء من عهد إبراهيم إلى موسى إلى محمد ألا تزر وازرةٌ وزر..، كل إنسان يتحمل إثم نفسه، لا تعاقبني بذنب آخرين.
الأمر الثالث: هو أن الغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة، قد يكون لهؤلاء أهداف نبيلة، قد تكون لهم غايات شريفة، إنه يريد أن يقيم عدلاً، يريد أن يحرر مسجونين يعني أخذوا بغير حق، يكون له مطالب عادلة، ربما يكون هذا، ولكن لا يجوز تحقيق الأهداف النبيلة بوسائل غير نبيلة، يعني إذا كانت هناك في بعض الفلسفات مثل فلسفة (ميكافيللي) إنه "الغاية تبرر الوسيلة"، الإسلام لا يرضى بذلك، الغاية فيه لا تبرر الوسيلة، لا يصل إلى الغاية الشريفة إلا بالوسيلة النظيفة، لابد من شرف الغاية وطهر الوسيلة معاً، ولذلك النبي –عليه الصلاة والسلام- يقول: "إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً"، وهذه من أخلاقية الإسلام، إن القيم الأخلاقية تحكم كل شؤون الحياة. فمن أجل هذا أصدرت هذه الفتوى بتحريم خطف الطائرات.