د. يوسف القرضاوي

أكثر أهل العلم -ومنهم مالك والشافعي وأحمد- أن الأرض الخَراجيَّة* لا يجوز شراؤها لأنها أرض موقوفة، فلم يجز بيعها، كسائر الوقوف، وقال عمر رضى الله عنه لعتبة بن فرقد - وقد اشترى أرضًا منها: ممن اشتريتها؟ قال: من أربابها، فلما اجتمع المهاجرين والأنصار، قال: هؤلاء أربابها، فهل اشتريت منهم شيئًا؟! قال: لا .. قال فارددها على من اشتريتها منه، وخذ مالك (المرجع السابق: 2/821).

وقال بعض العلماء: إذا أقر الإمام أهل العنوة في أرضهم توارثوها وتبايعوها! لما روي: أن ابن مسعود اشترى من دهقان (الدهقان: كلمة فارسية من معانيها: رئيس الإقليم) أرضًا على أن يكفيه جزيتها (المغنى: 2/720) يعنى خراجها.

وبعضهم لم يجز البيع وإنما أجاز الشراء فقط! لأنه استخلاص للأرض من أهل الذمة، فيقوم فيها مقام من كانت في يده (المرجع السابق).

قال ابن قدامة: وإذا قلنا بصحة الشراء؛ فإنها تكون في يد المشتري على ما كانت عليه في يد البائع يؤدى خراجها، ويكون معنى الشراء ههنا نقل اليد من البائع إلى المشترى بعوض، وإن شرط الخراج على البائع -كما فعل ابن مسعود- يكون اكتراء لا اشتراء، وينبغي أن يشترط بيان مدته كسائر الإجارات (المغنى: 2/722).

ثم قال: وإذا بيعت هذه الأرض، فحكم بصحة البيع حاكم -يعنى قضى بها قاض- صح؛ لأنه مختلف فيه، فصح بحكم الحاكم كسائر المجتهدات (يقصد الأمور المجتهد فيها) وإن باع الإمام شيئًا لمصلحة رآها -مثل أن يكون في أرض ما يحتاج إلى عمارة لا يعمرها إلا من يشتريها- صح أيضًا؛ لأن فعل الإمام كحكم الحاكم (المرجع السابق ص 722، 723).

.....

- المصدر: كتاب "فقه الزكاة" (الجزء الأول) لفضيلة الشيخ. 

* الأرض الخَراجيَّة: هي أرض العَنوة التي فتحها الإمام قهرًا وضرب عليها خَراجًا، أو ما جلَا عنها أهلها خوفًا من المسلمين، أو ما صُولح عليه الكفَّار (الأموال) للقاسم بن سلام (ص: 113)