السؤال: أنا أحج كل عام، ولكن لا أبيت بمزدلفة وإنما أقضي فيها حوالي ثلاث ساعات فهل عليّ فدية أم لا؟ ولدي طفلة أصحبها معي إلى الحج كل عام، يتراوح عمرها بين 10 و 12 سنة وتحرم بالحج والعمرة، فهل عليها فدية هي أيضا؟

جواب فضيلة الشيخ القرضاوي:

أما المبيت في مزدلفة، فقد اختلف فيه الفقهاء، هل يجب أن يبيت الحاج فيها كما بات النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسفار من الصبح، أو أنها مجرد منزل يصلي فيه المغرب والعشاء جمعا كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وتبقى مدة قدرها بعضهم إلى نصف الليل كما هو مذهب الحنابلة، وبعضهم كالمالكية، قالوا: إنها مجرد منزل، ليس عليه أن يبقى فيها إلا بمقدار ما يصلي العشاء مع المغرب جمعا، وبمقدار ما يأكل بعض الطعام، ثم لا بأس أن يتابع سيره.

وأعتقد أن مذهب المالكية في هذا مذهب ميسر، وأنا أميل إلى التيسير في أمور الحج في هذه السنين، نظرا لكثرة الحجاج والأعداد الهائلة الكبيرة التي تفد سنويا لأداء هذه الفريضة، وإذا لم نأخذ بهذه الأقوال الميسرة شققنا على الناس مشقة شديدة. فمثلا لا يمكن أن نقول لجميع الناس: ابقوا في مزدلفة إلى الصباح، وهم مليون ونصف أو مليونان أو أكثر، وقد يتضاعف العدد في السنوات القادمة، فإذا لم يرتحل الناس أفواجا يتلو بعضهم بعضا منذ أول الليل إلى آخره، يكون في الأمر حرج شديد، نتيجة لهذا الزحام، ولو أن الأئمة الأولين شاهدوا ما نشاهد من الازدحام الشديد هذه الأيام، لقالوا مثل ما نقول، فإن دين الله يسر لا عسر فيه، والنبي عليه الصلاة والسلام ما سئل ـ في يوم النحر ـ عن أمر من أمور الحج قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج، تيسيرا على الناس، مع أن العدد الذي كان معه لم يكن كما في يومنا هذا من الكثرة والازدحام.

ولهذا أرى رأي المالكية في أن الحاج ليس عليه أن يبقى في مزدلفة إلا بمقدار ما يصلي المغرب والعشاء جمعا، و يتناول طعامه، وخصوصا إذا كان معه نساء أو أولاد صغار، وإذن لا يكون على الأخ السائل فدية، ولا على ابنته التي تحج وتعتمر معه كل عام، إنما عليهما هدي التمتع. والله أعلم.